الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته

          ░12▒ (باب: الحَلِف بعزَّة الله وصفاته وكلامه...) إلى آخره
          قالَ الحافظُ: في هذه التَّرجمة عطفُ العَامِّ على الخَاصِّ، والخَاصِّ / عَلى العَامِّ لأنَّ الصِّفات أعمُّ مِنَ العزَّة والكلام.
          ثمَّ قالَ الحافظُ: لمَّح المصنِّف بهذه التَّرجمة إلى ردِّ ما جاء عن ابن مسعود مِنَ الزَّجر عن الحلف بعزَّة الله، ففي ترجمة عون بن عبد الله بن عتبة مِنَ «الحلية» لأبي نُعيمٍ عن عون قال: ((قال عبد الله: لا تحلفوا بحلف الشَّيطان أن يقول أحدكم: وعِزَّة الله، ولكن قولوا: كما قال الله تعالى: {رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات:180]. انتهى. وعون عن عبد الله منقطع. انتهى مِنَ «الفتح».
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (وصفاته) كالخالق والسَّميع والبصير والعليم، (وكلامه) كالقرآن أو بما أنزل الله. انتهى.
          قوله: (أعوذ بعزَّتك) في هامش «المصريَّة»: وجه مطابقته للتَّرجمة مع أنَّه دعاء لا قَسم أنَّه لا يُسْتَعاذ إلَّا بصفة قديمة، فالحلف كذلك. انتهى.
          ثمَّ انعقاد الحلف بعزَّة الله متَّفق بين الأئمَّة، ففي «الأوجز» عن ابن قدامة في بحث القَسم بصفات الله تعالى كعزَّة الله تعالى وعظمته وجلاله وكلامه، فهذه تنعقد به اليمين في قولهم جميعًا، وبه يقول الشَّافعيُّ وأصحاب الرَّأي لأنَّ هذه مِنْ صفات ذاته، ولم يزل موصوفًا بها... إلى آخر ما بسط فيه مِنَ الكلامِ على ذلك. ولخَّص منه في «هامش اللَّامع» مِنْ كلام الموفَّق وغيره.
          وحاصله أنَّ القسم بصفات الله تعالى تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها: ما هو صفات لذات الله تعالى لا يحتمل غيرها كعزَّة الله تعالى، فذكر ما تقدَّم آنفًا. والثَّاني: ما هو صفات للذَّات، ويعبَّر به عن غيرها مجازًا كعلم الله وقدرته، فمتى أقسم بها كان يمينًا، وبهذا قال الشَّافعيُّ، وقال أبو حنيفة: إذا قال: وعلمِ الله لا يكون يمينًا لأنَّه يحتمل المعلوم. والثَّالث: ما لا ينصرف بإطلاقه إلى صفة الله تعالى لكن ينصرف بإضافته إلى الله سبحانه لفظًا أو نيَّةً كالعهد والميثاق والأمانة ونحوها، فهذا لا يكون يمينًا إلَّا بإضافة أو نيَّة. انتهى مختصرًا.