الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: لا يقول ما شاء الله وشئت وهل يقول أنا بالله ثم بك

          ░8▒ (باب: لا يَقُولُ: مَا شَاءَ الله وَشِئْتَ...) إلى آخره
          هكذا بتَّ الحكم في الصُّورة الأولى، وتوقَّف في الصُّورة الثَّانية، وسببُه أنَّها وإن كانت وقعت في حديث الباب الَّذِي أورده مختصرًا وساقه مطوَّلًا فيما مضى، لكن إنَّما وقع ذلك مِنْ كلام الملك على سبيل الامتحان للمقول له، فتطرَّق إليه الاحتمالُ. انتهى مِنَ «الفتح».
          قالَ الكَرْمانيُّ: فإن قلت: ليس في الباب ما يدلُّ عليه؟ أي: على الجزء الأول مِنَ التَّرجمةِ.
          قلت: يُرْوَى عن المُسْتَمْلي أنَّه قال: انتسخت «كتاب البخاريِّ» من أصله كان عند الفَرَبْريِّ فرأيته لم يتمَّ بعدُ، وقد بقيت عليه مواضع مبيَّضة كثيرة، فيها تراجم لم يُثبِت بعدها شيئًا، ومنها أحاديث لم يترجم عليها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض... إلى آخر ما قال.
          قلت: وقد تقدَّم أمثال هذا الاعتذار مِنْ قِبل البخاريِّ في مقدمة «لامع الدَّراريِّ».
          وقالَ الحافظُ: قال المهلَّب: إنَّما أرادَ البخاريُّ أنَّ قوله: (مَا شَاءَ اللهُ ثمَّ شِئْتَ) جائز مستدلًّا بقوله: (أنا بالله ثمَّ بك). انتهى.
          ثمَّ قالَ الحافظُ: مناسبة إدخال هذه التَّرجمة في كتاب الإيمان: مِنْ جهة ذكر الحلف في بعض طرق حديث ابنِ عبَّاسٍ، كما ذكرت(1) ومِنْ جهة أنَّه قد يتخيَّل جواز اليمين بالله ثمَّ بغيره على وزان ما وقع في قوله: (أَنَا بِالله ثمَّ بِكَ) فأشار إلى أنَّ النَّهي ثبت عن التَّشريك، وورد بصورة التَّرتيب على لسان الملك، وذلك فيما عدا الأيمان، أمَّا اليمين بغير ذلك فثبت النَّهي عنها صريحًا، فلا يلحق بها ما ورد في غيرها، والله أعلم. [انتهى].


[1] قوله: ((كما ذكرت)) ليس في (المطبوع).