الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الخبز المرقق والأكل على الخوان والسفرة

          ░8▒ (باب: الخُبْزِ المُرَقَّق والأَكْلِ عَلَى الخِوانِ والسُّفْرَة)
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: المرقَّق_بتشديد القاف الأولى_: المليَّن المحسَّن كالحوَّاري(1) أو الموسَّع، و(الخِوان) بكسر الخاء المعجمة، وقال في «القَامُوس»: الخِـُوان_كغُراب وكِتاب_: ما يُؤْكَل عليه الطَّعامُ كالإِخْوان، وقال في «الكواكب»: والأكل عليه مِنْ دأْب المُتْرَفين وصُنْع الجَبَابِرة، لئلَّا يفتقروا إلى التَّطَأطُئِ(2) عند الأكل. انتهى.
          قالَ العينيُّ في تفسير الخِوان بعد ذكر ما تقدَّم عن القَسْطَلَّانيِّ: وليس فيما ذُكر كلِّه بيانُ هيئة الخُوان، وهو طبقٌ كبير مِنْ نُحاس، تحته كرسيٌّ مِنْ نُحاس ملزوقٌ به، طوله قدرُ ذراع، يُرَصُّ فيه الزُّبَّاد، ويوضع بين يدَي كبيرٍ مِنَ المترفين، ولا يحمله إلَّا اثنان فما فوقهما، ثمَّ قال في شرح الحديث: قال ابن بطَّالٍ: أكلُ المرقَّقِ جَائِزٌ مُبَاح، / ولم يتركه سيِّدنا رسول الله صلعم إلَّا زهدًا في الدُّنْيا وتركًا للتَّنعُّم وإيثارًا لِما عندَ الله وغير ذلك، وكذلك الأكل على الخِوان، وليس نفيُ أنس ☺ يردُّ قول مَنْ روى أَنَّه صلعم أَكل على كلِّ (3) خِوان، وَأَنه أَكَلَ شِواءً، وَإِنَّمَا أخبر كلٌّ بِمَا علم، وَمن عَلِم حجَّةٌ على مَنْ لم يعلم. انتهى.
          وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في «الكوكب»: قوله: (على خِوَان) هو ما له قوائمُ غيرُ صغار، ثمَّ إنَّ عدم الأكل عليه إمَّا أن يكون قصدًا أو اتِّفاقًا، فإن كان الأوَّلَ لزم كراهتُه، وإن كان الثَّانيَ فلا ضير في الأكل على الخِوان، إلَّا أنَّه لمَّا كان مِنْ دَيْدَن الجبابرة هاهنا كان منهيًّا إذا كان على دأبهم، والحاصل أنَّ الأكل عليه بحسب نفس ذاته لا يربو على ترك الأَولويَّة، فأمَّا إذا لزم فيه التَّشبُّه باليهود أو النَّصارى كما هو في ديارنا كان مكروهًا تحريميًّا، إلى أن قال: (والخبز المرقَّق) على هذا القياس، فإنَّه مع كونه مِنْ دَأْب المترَفين المرفَّهين يكون سبب الإكثار في الأكل للآكل. انتهى مختصرًا.


[1] في (المطبوع): ((كالحوارَى)).
[2] في (المطبوع): ((التطأطؤ)).
[3] قوله: ((كل)) ليس في (المطبوع).