الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: {ليس على الأعمى حرج}

          ░7▒ (باب: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ} [النور:61])
          الظَّاهر عندي أنَّ غرض الإمام البخاريِّ بهذه التَّرجمة الإشارةُ إلى اختلاف أقوال العلماء في سبب نزول الآية كما بسطه المفسِّرون، والإشارة إلى ترجيح قول عطاء بن يزيد اللَّيثيِّ كما يدلُّ عليه ما قاله الشُّرَّاح في مناسبة الحديث بالآية.
          قال الحافظ: وحكى ابنُ بطَّالٍ عن المهلَّب قال: مناسبة الآية لحديث سُويد ما ذكره أهل التَّفسير أنَّهم كانوا إذا اجتمعوا للأَكْل عُزِلَ الأَعْمَى عَلى حِدَة، والأَعْرج على حِدَة، والمريض على حِدة، لتقْصِيرهم عن أكلِ الأَصِحَّاء، فكانوا يتحَرَّجُون أن يتفضَّلُوا عليهم، وهذا عن ابن الكَلْبِيِّ، وقال عطاء بن يزيد: كان الأعمى يتحرَّج أنْ يَأْكُل طَعَام غيره لجعلِه يدَه في غير موضعها، والأعرج كذلك لاتِّسَاعه في موضع الأكل، والمريض لرائحته، فنزلت هذه الآية فأباح لهم الأكل مع غيرهم، وفي حديث سُويد معنى الآية، لأنَّهم جعلوا أيديَهم فيما حضر مِنَ الزَّاد سَواءً، مع أنَّه لا يمكن أن يكون أكلُهم بالسَّواء لاختلاف أحوال النَّاس في ذلك، وقد سوَّغ لهم الشَّارع ذلك مع ما فيه مِنَ الزِّيادة والنُّقصان، فكان مباحًا، والله أعلم. انتهى كلامه.
          وقال ابن المنيِّر: موضع المطابقة مِنَ التَّرجمة وسطُ الآية وهي قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا} [النور:61]، وهي أصلٌ في جواز أكل الْمُخارجة، ولهذا ذكر في التَّرجمة: (النِّهْد) والله أعلم. انتهى.
          قوله: (والنِّهد: الاجتماع(1) على الطَّعام) قال الحافظ: ثبتت هذه التَّرجمة في رواية المُسْتَمْلي وحده: والنِّهْد_بكسر النُّون وسكون الهاء_ تقدَّم تفسيره في أوَّل الشَّركة حيث قال: (باب: الشَّركة في الطَّعام والنِّهد) وتقدَّم هناك بيان حكمه. انتهى.
          وفي «تقرير الشيخ المكَّيِّ»: قوله: (والنِّهد) وجوازه مِنَ الآية المذكورة.


[1] في (المطبوع): ((والاجتماع)).