الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب المحرم يموت بعرفة

          ░20▒ (باب: المُحْرِم يمُوتُ بعَرَفة) إلى آخره
          قال القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (بقيَّة الحجِّ) أي: كَرَمْي الجِمَار والحلْق وطَواف الإفَاضَة، وإنَّما لم يأمر النَّبيُّ صلعم بأن يُؤدَّى عنه بقية الحجِّ لأنَّه مات قبل التَّمكُّن مِنْ أداء بقيَّته، فهو غير مخاطَب به كمن شَرع في صلاة مفروضة أوَّل وقتها فمات في أثنائها، فإنَّه لا تبعة عليه فيها إجماعًا. انتهى .
          سكت(1) الحافظان ابنُ حَجَرٍ والعَينيُّ عن المسألة واختلاف الأئمَّة فيه.
          وكتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: ولعلَّ المؤلِّف أشار بالتَّرجمة إلى ما هو الصَّحيح مِنْ مذهب الحنفيَّة أنَّ مَنْ وجب عليه الحجُّ فحجَّ مِنْ عامِهِ، فإنَّه لو مات قبل إتمامه لا يجب عليه إيصاء إتمامه، فأمَّا لو وجبت عليه الحجَّة ولم يحجَّ إلَّا بعد انقضاء ذلك العام الَّذِي وجب فيه الحجُّ، ثمَّ مات ولم يتمَّ حجَّه فإنَّه يجب عليه الإيصاء بإتمام حجِّه مِنْ ماله، ولعلَّ المسألة مَقيسة على الصَّلاة والصَّوم، فإنَّهما تسقطان بمثل ذلك حتَّى إنَّ مَنْ أدرك وقت الفج، ومات قبل طلوع الشَّمس، أو كان مسافرًا فأفطر رمضان ثمَّ لم يجد مِنَ الوقت ما يصوم فيه فإنَّه يسقط منه الصَّوم، ولا يجب عليه الإيصاء بقضائهما عنه. انتهى.
          وفي «هامشه»: عن كتاب «رحمة الأمَّة في اختلاف الأئمَّة»: مَنْ لزمه الحجُّ فلم يحجَّ حتَّى مات قبل التَّمَكُّن مِنْ أدائه لم يسقط عند الشَّافعيِّ وأحمد. انتهى.
          قلت: لكنَّ النَّوويَّ قال في «شرح المهذَّب»: ويجب الإحجَاج عنه مِنْ تَرِكَتِهِ إن كان قد استقرَّ الحجُّ في ذمَّته، وإن كان تطوُّعًا أو لم يستطع إلَّا في هذه السَّنَة لم يجب(2). انتهى.
          قالَ الموفَّق: متى توفِّي مَنْ وجب عليه الحجُّ ولم يحجَّ، وجب أن يُخرَج عنه مِنْ جميع ماله ما يُحَجُّ به عنه ويُعتمَر، سواء فاته بتفريط أو بغير تفريط، وبهذا قال الحسن والشَّافعيُّ، وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت. انتهى.
          كذا حكى الموفَّق مذهب الحنفيَّة والشَّافعيِّ(3)، والصَّحيح في مذهبهما كما تقدَّم عن النَّوويِّ و«اللَّامع»: التَّفريق بين مَنْ فرَّط ولم يفرِّط، والمراد بالتفريط: ألَّا يحجَّ مِنْ عامه.


[1] في (المطبوع): ((وسكت)).
[2] المجموع شرح المهذَّب:7/135
[3] في (المطبوع): ((والشافعية)).