الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل

          ░6▒ (باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا...)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: قصد بذلك أنَّه كان حيًّا، فما ورد في بعض الرِّوايات مِنَ الألفاظ الدِّلالة(1) على أنَّه إنَّما أرسله إليه بعد ذبحه يجب تأويله وإرجاعه، فترجمته هذه كأنَّها تفصيل وبيان لِما ينبغي أن تحمل عليه الرِّوايات وإن لم تكن الرِّواية الموردة هاهنا مفتقرةً إلى تأويل. انتهى.
          قال الحافظ: كذا قيَّده في التَّرجمة بكونه حيًّا، وفيه إشارة إلى أنَّ الرِّواية الَّتِي تدلُّ على أنَّه كان مذبوحًا مُوهِمة(2). انتهى.
          وفي «الفيض»: زاد لفظ الحيِّ إشارة إلى أنَّ النَّبيَّ صلعم ردَّه لكونه حيًّا لا لأنَّه عَلم أنَّه صاده له، فترك مذهب الشَّافعيَّة، واختار مذهب الحنفيَّة، ولم يفصل في النِّيَّة أصلًا... إلى آخر ما فيه.
          وقالَ النَّوويُّ: في رواية: ((حمارًا وحشيًّا)) وفي رواية: ((مِنْ لحم حمار)) وفي رواية: ((رِجل حمار وحش)) وفي رواية: ((عجز حمار وحش)) هذه روايات مسلم، وترجم له البخاريُّ: (باب: إذا أهدى للمحرم حمارًا وحشيًّا حيًّا)، وحُكيَ هذا التَّأويل أيضًا عن مالك وغيره، وهو تأويل(3) باطل، وهذه الطُّرق الَّتِي ذكرها مسلم صريحة في أنَّه مذبوح(4). انتهى مختصرًا.
          قلت: ما قاله النَّوويُّ إنَّما قاله نصرة لمذهبه، وقد اعترف هو بنفسه أنَّ هذا التَّأويل مرويٌّ عن مالك وغيره، وكذا هو مرويٌّ عن الإمام البَيْهقيِّ، وهذا الإمام الجليل والمحدِّث الكبير أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاريُّ أيضًا اختار هذا التَّأويل، فلا يضرُّ قولُ النَّوويِّ: إنَّه باطل، وبسط الحافظ على روايات هذه القصَّة، وكذا العينيُّ، وحكى(5) عن الطَّحَاويِّ أنَّ الحديث مضطرب، ولخَّص كلام الشُّرَّاح على حديث الباب في «الأوجز».
          وقال ابن بطَّالٍ: اختلاف الرِّوايات يدلُّ على أنَّها لم تكن قضيَّة واحدة، وإنَّما كانت قضايا مختلفةً(6). انتهى.
          قلت: واختلفوا في التَّرجيح بين روايتي الحيِّ واللَّحم، وكذا اختلفوا في الجمع بينهما بوجوه مختلفة، بسطت في «الأوجز».


[1] في (المطبوع): ((الدالة)).
[2] فتح الباري: ج4/ ص31
[3] في (المطبوع): ((وتأويل)) بلا هو.
[4] المنهاج شرح صحيح مسلم:8/104 مختصرا
[5] في (المطبوع): ((وحُكي)).
[6] شرح ابن بطَّالٍ:4/488 مختصرا