الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا أحرم جاهلا وعليه قميص

          ░19▒ (باب: إذا أحْرَمَ جَاهلًا وعليه قميص...) إلى آخره
          قال الحافظ: أي: هل يلزمه فدية أو لا؟ وإنَّما لم يجزم بالحكم لأنَّ حديث الباب لا تصريح فيه بإسقاط الفدية، ومِنْ ثَمَّ استظهر المصنِّف للرَّاجح بقول عطاءٍ راوي الحديث، كأنَّه يشير إلى أنَّه لو كانت الفدية واجبة لَما خَفيت عن عطاء وهو راوي الحديث لأنَّ تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وفرَّق مالك فيمن تطيَّب أو لبس ناسيًا بين مَنْ بادر فنزع وغسل، وبين مَنْ تمادى، والشَّافعيُّ أشدُّ موافقةً للحديث لأنَّ السَّائل / كان غير عارف بالحكم وقد تمادى، ومع ذلك لم يؤمر بالفدية، وقول مالك فيه الاحتياط، وأمَّا قول الكوفيِّين _وهو وجوب الفدية مُطلقًا_ مخالف لهذا الحديث.
          وأجاب ابن المنيِّر بأنَّ الوقت الَّذِي أحرم فيه الرَّجل في الجبَّة كان قبل نزول الحكم، ولهذا انتظر النَّبيُّ صلعم الوحي، قال: ولا خلاف أنَّ التَّكليف لا يتوجَّه على المكلَّف قبل نزول الحكم، فلهذا لم يُؤمر الرَّجُل بفدية عمَّا مضى، بخلاف مَنْ لبس الآن جاهلًا فإنَّه جَهِلَ حُكمًا استقرَّ وقصَّر في عِلْم ما كان عليه أن يتعلَّمه لكونه مكلَّفًا به(1). انتهى.
          قلت: ذكر الحافظ مذاهب الأئمَّة الثَّلاثة، ولم يذكر مذهب الحنابلة، ففي المسألة عنهم روايتان، مثل مذهبنا والشَّافعيَّة، كما في «الأوجز».


[1] فتح الباري:4/63