الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا صاد الحلال فأهدى للمحرم الصيد أكله

          ░2▒ (باب: وإذا صاد الحلالُ فأهدى للمُحرِم...) إلى آخره
          تقدَّم ذكره في الباب السَّابق، وقال صاحب «الفيض»: ذهب جماعة مِنَ السَّلف إلى أنَّه لا يحلُّ لهم(1) الصَّيد للحرم(2) مطلقًا سواء صاده أو صِيد له، أو لم يُصَد له، وقال الحجازيُّون بجوازه بشرط ما لم يُصد له، ويجوز عندنا ما لم يُشِرْ أو يعين(3) عليه سواء صِيد له أو لا، والبخاريُّ وافقنا في المسألة، ولذا لم يخرج حديث الحجازيِّين، وأخرج حديث أبي قتادة، وهو حجَّة للحنفيَّة، وليس في طريقٍ منه أنَّه سأله أنَّه صاده بنيَّتهم أو لا، مع أنَّ المدار عليه عند الشَّافعيَّة، والظَّاهر مِنْ عادات النَّاس أنَّهم ينوون في مثله لرفقائهم أيضًا، سيَّما إذا كان الصَّيد كالحمار الوحشيِّ / جسيمًا يُشبِع جماعةً، مع(4) أنَّه سأله عن دلالته وإشارته، فهذا وإن كان سكوتًا لكنَّه سكوتٌ في موضع البيان، وهو بيان حكمًا أيُّ بيانٍ، ولو بسطته علمت أنَّه فوق البيان، فإنَّه يوجب السُّكوت مِنْ صاحب الشَّرع في موضع النُّطق والعياذ بالله. انتهى.
          قلت: ففي المسألة ثلاثة مذاهب:
          الأوَّل: المنع مطلقًا، كما نُقل عن بعض السَّلف.
          والثَّاني: المنع إن صيد لأجله، وهو مذهب الأئمَّة الثَّلاثة.
          والثَّالث: مذهب الحنفيَّة، وهو الجواز ما لم يُشر أو يُعن عليه، سواء صِيد له أو لا، وهذا إجمال الأقوال، وإلَّا فقد اختلفت الأقوال عن الإمام مالك وغيره كثيرًا، كما بسطت في «الأوجز». انتهى مِنْ(5) «جزء حجَّة الوداع».


[1] في (المطبوع): ((لحم)).
[2] في (المطبوع): ((للمحرم)).
[3] في (المطبوع): ((يعن)).
[4] في (المطبوع): ((ومع)).
[5] قوله: ((من)) ليس في (المطبوع).