الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال

          ░3▒ (باب: إذا رأى المحرمون صيدًا...)
          وفيهم رَجُل حلال (فضحكوا) تعجُّبًا مِنْ عروض الصَّيد مع عدم التَّعرُّض له مع قدرتهم(1)على صيده، (ففطن الحلال) _بفتح الطاء وكسرها_ أي: فهم لا يكون ضحكهم إشارة منهم إلى الحلال بالصَّيد، حتَّى إذا اصطاد ذلك الحلالُ الصَّيد لا يلزم المحرمين الَّذين ضحكوا شيء. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          قلت: الظَّاهر عندي أنَّ المصنِّف أشار إلى الاختلاف في المسألة، ولم أجد مذاهب الأئمَّة الأربعة في هذه المسألة صريحًا إلَّا ما في «شرح المنهاج»: له أكل لحم صيد لم يُصَد له، ولا دَلَّ ولو بطريق خفيٍّ، كأن ضحك فتنبَّه الصَّائد له. انتهى.
          والعجب مِنَ الشُّرَّاح أنَّهم لم يتعرَّضوا له، وفي «الفيض» تحت قوله: ((فجعل بعضهم يضحك إلى بعض)) وعند مسلم: ((يضحك إليَّ)) وهو يشعر بدلالتهم، ولم يخرجه البخاريُّ، ولا توجد مسألة الضَّحك في كتبنا هل هو مِنَ الدِّلالة عندهم أم لا؟ انتهى.
          وقالَ النَّوويُّ: هكذا وقع في جميع نسخ بلادنا ((يضحك إليَّ)) بتشديد الياء، قال القاضي: هذا خطأ وتصحيف، ووقع في رواية بعض الرُّواة عن مسلم، والصَّواب: ((يضحك إلى بعض))، فأسقط لفظة: (بعض)، والصَّواب إثباتها كما هو مشهور في باقي الرِّوايات لأنَّهم لو ضحكوا إليه لكانت إشارة منهم، وقد قالوا: إنَّهما(2) لم يشيروا إليه.
          قالَ النَّوويُّ: لا يمكن ردُّ هذه الرِّواية، فقد صحَّت هي والرِّواية الأخرى، وليس في واحدة منها دلالة ولا إشارة إلى الصَّيد، فإنَّ مجرَّد الضَّحك ليس فيه إشارة، قال العلماء: وإنَّما ضحكوا تعجُّبًا مِنْ عروض الصَّيد، ولا قدرة لهم عليه لمنعهم منه، والله أعلم. انتهى.
          قلت: ولم أجد مسألة الضَّحك صريحًا لا في «المغني» ولا في الدُّسوقيِّ إلَّا ما تقدَّم عن «شرح المنهاج».


[1] قوله: ((كذا في الأصل والظاهر بدله مع قدرته)) ليس في (المطبوع)
[2] في (المطبوع): ((إنهم)).