إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أتاكم أهل اليمن أضعف قلوبًا وأرق أفئدة

          4390- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكمُ بنُ نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابنُ أبي حمزة (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عبدُ اللهِ بنُ ذكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبدِ الرَّحمنِ بنِ هُرْمز(1) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) ☺ (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ) لأصحابه: (أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً) قال في «شرح المشكاة»: يمكن أن يرادَ بالفؤادِ والقلبِ ما عليه أهل اللُّغة في(2) كونِهما مترادِفين، فكرَّر ليناط(3) بهِ معنَى غير المعنى السَّابق، فإن الرِّقَّة مقابلةٌ للغلظِ، واللِّينُ مقابلٌ للشِّدَّةِ والقسوةِ، فوُصِفَ أوَّلًا بالرِّقَّة ليشيرَ إلى التَّخلُّق مع النَّاسِ، وحُسنِ العشرةِ مع الأهلِ والإخوانِ. قال تعالى: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران:159] وثانيًا باللِّينِ ليؤذنَ بأنَّ الآيات النَّازلة والدَّلائل المنصوبة ناجعةٌ فيها، وصاحبُها مقيمٌ على التَّعظيمِ لأمر الله.
          (الفِقْهُ) وهو إدراكُ الأحكامِ الشَّرعيَّة العمليةِ بالاستدلالِ على أعيانها (يَمَانٍ وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ) ولأبوي / ذرٍّ والوقتِ ”يَمان“ بلا هاء التأنيث، قال في «الفتح»: الأظهرُ أنَّ المرادَ من يُنسبُ له بالسُّكنى(4)، بل هو المشاهدُ في كلِّ عصرٍ من أحوالِ سكَّانِ جهةِ اليمنِ؛ إذ غالبهُمْ رقاقُ القلوبِ والأبدانِ، وغالبُ من يوجد من جهةِ الشِّمال غلاظُ القلوبِ والأبدانِ. وعند البزَّار من حديثِ ابن عبَّاس: بينَا رسول الله صلعم بالمدينةِ إذ قال: «اللهُ أكبر {إِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ}[النصر:1] جاءَ أهلُ اليمنِ نقيَّةً قلوبُهُم حسنَةً طاعتهُم، الإيمانُ يمان، والفقهُ يمان، والحِكمَةُ يَمَانِيَةٌ». وعن جبيرِ بنِ مُطعم عنه صلعم قال: «يطلعُ عليكم أهلُ اليمنِ كأنَّهم السَّحابُ، هم خيرُ أهلِ الأرضِ» رواه أحمدُ والبزَّار وأبو يَعلى.


[1] «ابن هرمز»: ليست في (م) و(ص).
[2] في (ب) و(س): «من».
[3] في (ص): «ليراد».
[4] في (ب): «بالسكن».