التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب من ادعى أخًا أو ابن أخ

          ░28▒ بَابُ مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ ابْنَ أَخٍ
          وفي بعضِ النُّسَخِ زيادةُ: <بَابُ إِثْمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ، ومَنِ ادَّعَى...> إِلَى آخرِه.
          6765- ذَكَرَ فِيْهِ حَدِيثَ عَبْدِ بن زَمْعَةَ السَّالفَ [خ¦2053] [خ¦2218] [خ¦2745] [خ¦4303] [خ¦6749] وقد سَلَفَ أنَّه لا يجوزُ استلحاقُ غيرِ الأبِ.
          واختلف العلماءُ إذا ماتَ رَجُلٌ وخلَّفَ ابنًا واحدًا لا وارثَ له غيرَه فأقرَّ بأخٍ؛ فقال ابنُ القصَّارِ: عند مالكٍ والكوفيِّين لا يثبُتُ نَسَبُهُ. وَهُوَ المشهورُ عَن أبي حنيفَةَ، وقال الشَّافعيِّ: يَثبُتُ. واحتَجَّ بأنَّه قائمٌ مقامَ الميِّتِ، فصارَ إقرارُه كإقرارِ الميِّتِ نَفْسِه في حياتِه.
          ألَا ترى أنَّه ◙ ألحقَ الولدَ بِزَمْعَةَ بِدَعْوَى عبدٍ وإقرارِه وحْدَه، واحتجَّ أهلُ المقالةِ الأوَّلونَ بأنَّ الميِّتَ يعترفُ على نفْسِه والوارثُ يعترفُ على غيرِه، وَحُكْمُ إقرارِه عَلى نفْسِه آكَدُ مِن غيرِه فلم يَجُزْ اعتبارُ أحدِهما بالآخَرِ. وإقرارُه بِنَسَبٍ في حقِّ غيرِه ليس هَو بأكثرَ مِن شهادتِه له، ولو شَهِدَ واحدٌ بِنَسَبٍ يُثْبَتُ على غيرِه لم تُقبَلْ شهادُته، فكذا إقرارُه على غيرِه بالنَّسَبِ أَوْلَى ألَّا يَثْبُتَ، ولا يلزمُ على هذا إذا كانت الورثة جماعةً فأقرُّوا به، أو أقرَّ اثنانِ منهم كَانوا عدلَين لأنَّ النَّسَبَ يثبُتُ بشهادة اثنينِ وبالجماعةِ في حقِّ الغير الَّذي هُو أبوهم.
          ويُقال لمن خَالَفَ حُكْمَ الشَّارعِ في قصَّةِ ابنِ زَمْعَةَ: لم يكن مِن أَجْلِ الدَّعوى وإنَّما كَان مِن أجْلِ عِلمِه بالفِراشِ، كَما حدَّ الشَّارعُ العَسيفَ بقولِ أبيه لأنَّ ذلك دليلٌ عَلى أنَّ ابنَه كان مُقِرًّا قبل ادِّعاءِ أبيه عليه، ولولا ذلك ما حُدَّ بمجرَّدِ دَعوى أبيه عليه.
          ومِن الغريبِ أنَّ البُوَيطِيَّ وافق المالكيَّةَ وقال: لا يجوزُ إقرارُ الأخِ بأخيه عِندي _كَاَنَ ثَمَّ مَنْ يدفعُهُ أو لَمْ يكن_ لأنَّهُ إنَّما يجوزُ الإقرارُ عَلَى نفْسِه، وَهَذَا يُقرُّ عَلَى غيرِه. قال: وإنَّما ألحقَ النَّبِيُّ صلعم ابنَ زَمْعَةَ فِي الحَدِيثِ المذكورِ لِمعرفتِه بفِرَاشِه.
          فَصْلٌ: قَوْلُهُ: (وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ) معناه الخيبةُ، كقولِ العربِ: بِفِيكَ الحَجَرُ، إِذَا طَلَبَ مَا لا يِصِحُّ له، قاله أبو عُبَيدٍ وغيرُه، وأبعدَ مَن قال: المرادُ بها الرَّجْمُ.