التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}

          ░14▒ بَابٌ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ الله يُفْتِيكُمْ في الْكَلالَةِ}إِلَى آخر السُّورَةِ [النساء:176]
          6744- ذَكَرَ فِيهِ حَدِيْثَ الْبَرَاءِ ☺ قَالَ: (آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}الآية) [النساء:176].
          هَذَا أَحَدُ الأقوالِ كَما سَلَفَ فِي التَّفسيرِ، ورُوِيَ عن ابنِ عبَّاسٍ ☻ أَنَّ آخِرَ آيةٍ نَزَلَتْ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة:128] وَعنه: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} [البقرة:281].
          وقَوْلُهُ: {أَنْ تَضِلُّوا}أَي لِئَلَّا تَضِلُّوا، وقال البصريُّون: هَذَا خطأٌ لا يجوزُ إضمارُه، / والمعنى عندهم: كَراهيَةَ أَنْ تضِلُّوا مثل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف:82] ومعنى آخر: يبيِّنُ الله لكم الضَّلالةَ، أَي أَنْ تفعَلُوا فِعْلَكُم، كَما تقولُ: يعجبني أَنْ تقوم أي قيامك.
          واختلف العلماء في مَعنى الكَلَالةِ عَلَى أقوالٍ سلفَتْ، فقالت طائفةٌ: هي مِن لا وَلَدَ له ولا والد، وهذا قولُ الصِّدِّيقِ وعُمَرَ وعليٍّ وزيدٍ وابنِ مسعودٍ وابنِ عبَّاسٍ، وعليه أكثرُ التَّابعين، وَهو قولُ الفقهاءِ بالحجازِ والعراقِ، وقالت أُخرى: هِي مَن لا ولدَ له خاصَّةً، ورُوي عَن ابنِ عبَّاسٍ، وقالت أُخرى: مَا خلا الوالدَ، رواه شُعْبةُ عن الحكم بن عُتَيْبَةَ، وقالت أُخرى: إنَّها الميِّتُ نفْسُه سُمِّي بذلك إذا ورِثَهُ غيرُ والدِه وَولدِه، وقالت أُخرى: هي الَّذين يَرِثون الميِّتَ إذا لم يكن فيهم والدٌ ولا وَلدٌ، وقالت أُخرى: هي الحيُّ والميِّتُ جميعًا. عَن ابن زيدٍ. واختار الطَّبري أنَّها ورثةُ الميِّت دونَ الميِّت، واحتجَّ بحديثِ جابرٍ: إنَّما يَرِثُني كَلَالةٌ فكيف بالميراث؟ وبحديثِ سعْدٍ: يا رسولَ اللهِ ليس لي وارثٌ إلَّا كَلَالة.
          وقام الإجماعُ أَنَّ الإخوةَ المذكورين في هذه الآيةِ في الكَلَالةِ هم الإخوةُ للأبِ والأمِّ، أو للأبِ عند عدمِ الَّذين للأبِ والأمِّ؛ لإعطائهم فيها الأختَ النِّصفَ وللأختينِ فَصاعدًا الثُّلُثينِ وللإخوةِ الرِّجالِ والنِّساءِ للذَّكرِ مِثْلُ حظِّ الأُنْثَيينِ؛ لأنَّه لا خلافَ أنَّ ميراثَ الإخوةِ للأمِّ ليس هَكذا، وأنَّهم شركاءُ فِي الثُّلُثِ الذَّكرُ وَالأُنثى فيه سواءٌ.
          وإجماعُهم فِي الكَلالةِ الَّتِي في أوَّلِ السُّورة أنَّ الإخوةَ فيها للأمِّ خاصَّةً لأنَّ فريضةَ كلِّ واحدٍ منهما السُّدُسُ، وَلا خلاف أنَّ ميراثَ الإخوةِ للأبِ والأمِّ ليس كذلك.