التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب تعليم الفرائض

          ░2▒ بَابُ تَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ. /
          وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ ☺: تَعَلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ، يَعْنِي: الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ.
          6724- ثمَّ ساقَ حديثَ أَبِي هُرَيْرَةَ ☺ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا).
          الشَّرحُ: وجهُ مُناسبةِ هَذَا الحَدِيْثِ فِي البابِ ذِكْرُه الظَّنَّ فِي قَوْلِه: (إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ).
          قال المهلَّب: وَهذا الظَّنُّ لَيس هُوَ الاجتهادُ عَلى الأصولِ، وإنَّما هُو الظَّنُّ المنهيُّ عنه في الكتابِ والسُّنَّةِ، مثل ما سَبق إلى المسؤولِ مِن غيرِ أنْ يَعْلَمَ أَصْلَ مَا يُسأَلُ في كتابٍ أو سُنَّةٍ أو أقوالِ الأئمَّة، وأمَّا إِذَا قال وهو قد عَلِم الأصلَ مِن هذه الثَّلاثةِ فليس بظانٍّ وإنَّما هو مجتهدٌ، والاجتهادُ سائغٌ على الأصولِ.
          فائِدَةٌ: التَّجسُّسُ _بالجيمِ_ البحثُ عن بواطنِ الأمور، وأكثرُ مَا يُقالُ ذَلِكَ فِي الشَّرِّ، والجاسوسُ _بالجيمِ_ صَاحِبُ سرِّ الشَّرِّ، والنَّامُوسُ صاحبُ سِرِّ الخير، وَعن ثعلبٍ: التَّحسُّسُ _بالحاء_ أَنْ يَطْلُبَ لنفْسِهِ، وبالجيم أَنْ يطلُبَ لغيرِه، وقال بعضُهم: التَّجَسُّسُ البحثُ عَن العوارتِ، والتَّحسُّسُ الاستماع، وقال بعضُهم: الأوَّل فِي الخيرِ، والثَّاني فِي الشَّرِّ. وقال الحرْبيُّ: معناهما واحدٌ وَهما التَّطلُّب بمعرفةِ الأخبارِ، وَقال ابنُ الأنبارِيِّ: إِنَّمَا نسَقُ أَحَدِهِما عَلَى الآخر لاختلافِ اللَّفظين، كقولِهم: بُعْدًا وَسُحْقًا، ذَكَرَهُ أجَمْعَ الهَرَويُّ.
          وقال أبو عبد الملكِ: هُوَ بالجيم مِن بعيدٍ، وبالحاءِ مِن قريبٍ، ويجوز أَنْ يكونا واحدًا.
          فَصْلٌ: جاء فِي تعليمِ الفرائضِ والحثِّ عليها ممَّا ليسَ عَلَى شرطِ «الصَّحيح» مَا أخرجه ابنُ ماجه مِن حَدِيْثِ إبراهيمَ بن المنذر والحاكمُ فِي «شواهده» عَن حَفْصِ بنِ عُمَرَ بنِ أَبِي العِطَافِ عَن أَبي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عن أبِي هريرة رَفَعَهُ: ((تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ فَإِنَّها نِصْفُ الْعِلْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ شَيْءٍ يُنْسى مِنْ أُمَّتِي)) ومَا أخرجه أبو داودَ مِن حَدِيْثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زِيَادٍ بن أَنْعُمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ رَافِعٍ التَّنُوخِيِّ عَن عَبدِ الله بنِ عَمرٍو ☻ أَنَّ رَسُولَ الله صلعم قَالَ: ((العِلمُ ثَلَاثَةٌ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ أَو سُنَّةٌ قَائِمَةٌ أَو فَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ)) وابنُ أبي العِطَافِ واهٍ، قال العُقَيليُّ: لا يُتابَع عليه وَلا يُعرَفُ إِلَّا به، وقال ابنُ عَدِيٍّ وقد ذَكَرَ هَذَا الحَدِيْثَ: ورواهُ حفصٌ مرَّةً أخرى عَن أبي الزِّنَاد عن المَقْبُرِيِّ عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قال البُخَاريُّ: لا يصحُّ أَيضًا. وابنُ أَنْعُمَ تُكلِّم فِيْهِ.
          وَرَوَى ابنُ أبي حاتمٍ عن ابنِ مسعودٍ ☺ قَالَ: مَن قرأَ القُرآن فليتعلَّمِ الفرائضَ. ورواه الدَّارَقُطنيُّ مَرفُوعًا، ثمَّ قَالَ: تَابعهُ جماعةٌ عَن عوفٍ، ورواه مِن طريقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيضًا، ورواهُ سُلَيمٌ الرَّازيُّ فِي «ترغيبِه» مِن حَدِيْث عوفٍ: بَلَغَنِي أَنَّ سُليمانَ بنَ جابرٍ الهَجَريَّ، قال عَبْدِ الله بن مسعودٍ. فَذَكَرَهُ، وَرواهُ الدَّارَقُطنيُّ أَيضًا مِن روايةِ زكريَّا عن عطيَّةَ عن أبي سعيدٍ مرفُوعًا: ((تعلَّمُوا الفَرائضَ وعلِّمُوها النَّاسَ)) وَرَوَى ابنُ أبي شيبَةَ عن أبي موسى قال: مَثَلُ الَّذِي يقرأُ القُرآنَ ولا يُحسِنُ الفرائضَ كَاليدين بِلا رأسٍ.
          وحَدِيْثُ إبراهيمَ عَن عُمَرَ ☺: تعلَّموا الفرائض فإنَّها مِن دينكم. منقطعٌ فيما بين إبراهيمَ وَعُمَرَ، وَكذا حَدِيْثُ القاسمِ بن عبد الرَّحمنِ عَن ابنِ مسعودٍ ☺: تعلَّموا الفرائض.