التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ميراث الأخوات والإخوة

          ░13▒ بَابُ مِيرَاثِ الإخوةِ وَالأَخَوَاتِ
          6743- ذَكَرَ فِيْهِ حَدِيْثَ جَابِرٍ ☺: (دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله صلعم وَأَنَا مَرِيضٌ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ نَضَحَ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ، قَالَ: فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّمَا لِي أَخَوَاتٌ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ).
          وقد سلفَ غيرَ مرَّةٍ [خ¦194] [خ¦5676] وَليس فِيْهِ أكثرُ مِن أنَّ الأَخَواتِ يَرِثْنَ. وقام الإجماعُ عَلَى أَنَّ الإخوةَ وَالأخواتِ مِن الأبوين أو مِن الأبِ ذكورًا كانوا أو إناثًا لا يرثون مع ابنٍ ولا مع ابنِ ابنٍ وإنْ سَفَلَ ولا مع الأبِ، واختلفوا في ميراثِ الأَخَواتِ معَ الجدِّ على ما سلفَ في بَابِ ميراث الجدِّ مع اختلافِهم في ميراثِ الإخوةِ معه، فمَن ورَّثهنَّ معه جعلهُ أخًا وأعطاهُ مِثْلَ مَا أعطى الأُختين، ومَن لم يورِّثْهُنَّ معه وجَعَلَهُ أبًا حجبهنَّ به، وَهو مذهبُ الصِّدِّيق وابنِ عبَّاس وَجماعةٍ كما سلف.
          ويَرِثْنَ _فيما عدا الجَدِّ والأبِ والابنِ_ للواحدةِ النِّصفُ ولِلِاثْنَتَينِ فصاعدًا الثُّلثانِ إلَّا في المشرَّكةِ وَهي زوجٌ وأمٌّ وجدٌّ وأختٌ شقيقةٌ أو لأبٍ، فَلِلزَّوجِ نصفٌ وللأمِّ ثُلثٌ لعدمِ مَن يحجُبُها عَنْهُ، وللجدِّ سُدُسٌ كذلك أَيضًا، وللأخت نِصْفٌ لعدمِ مَن يُسقِطُها ومَن يُعصِّبُها، فإنَّ الجدَّ لو عصَّبها نَقَصَ حقُّه فتعيَّن الفرْضُ لها فَتَعُولُ إِلَى تسعةٍ ثمَّ يَقتسِمُ الجدُّ والأُختُ نصيبَهما أثلاثًا، له الثُّلُثان. وقد أوضحتُ ذَلِكَ فِي «شرح الفرائض الوسيط» وفي كتب الفُروع أَيضًا لَا سيَّما «شرح المنهاج» فراجعْهُ.
          وفَرَضَهَا ابنُ بطَّالٍ فِي زوجٍ وأمٍّ وإخوةٍ لأمٍّ وإخوةٍ أشقَّاء، قَالَ: فلم يَفْضُل شيءٌ عن نصيبِ الزَّوجِ والأمِّ والإخوةِ للأمِّ فَشُرِّك بنو الأبِ والأمِّ مع بني الأمِّ في الثُّلُثِ مِن أجل أنَّهم كلُّهم إخوةُ المتوفَّى لِأُمِّه، وإنَّما وَرِثُوا بالأمِّ لقولِه تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ}الآية [النساء:12] فلِذلكَ شُرِّكُوا في هَذه الفريضةِ، قال: وقد اختلفَ الصَّحابةُ في هذه المسألةِ فَرُوِيَ عَن عُمَرَ وعُثْمانَ وزَيدٍ أنَّهم قالوا بالتَّشريك، وَهو قولُ مالكٍ والثَّوريِّ والشَّافعيِّ وإسحاقَ، ورُوِيَ عن عليٍّ وأُبيِّ بن كَعْبٍ وابنِ مسعودٍ وأبي موسى أنَّهم لا يُشَرِّكُونَ الأخَ لِلْأَبِ والأُمِّ مع الإخوةِ للأُمِّ لأنَّهم عَصَبةٌ وقد استغرقت الفرائضُ المالَ ولم يبقَ منه شيءٌ، وإلى هذا ذهبَ ابنُ أبي ليلى وطائفةٌ مِن الكوفيِّين.