شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب قول النبي: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»

          ░14▒ بابُ قَوْلِ النَّبيِّ صلعم: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ).
          فيه: أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتِي بِأَخْذِ الْقُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟، قَالَ: وَمَنِ النَّاسُ إِلَّا أُولَئِكَ). [خ¦7319]
          وفيه: أَبُو سَعِيد، قَالَ النَّبيُّ صلعم: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا بشِبْر، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، قَالَ: فَمَنْ؟). [خ¦7320]
          قال المُهَلَّب: قولُه: (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ) بفتح السِّين هو أولى مِن ضمِّها، لأنَّه لا يستعمل الشِّبر والذِّراع إلَّا في السَّنن وهو الطريق، فأخبر صلعم أنَّ أمَّتَه قبل قيام السَّاعة يتبعون المحدثات مِن الأمور والبدع والأهواء المُضِلَّة كما اتَّبعتْها الأمم مِن فارس والروم حتى يتغيَّر الدِّين عند كثير مِن النَّاس، وقد أنذر ╕ في كثير مِن حديثِه أنَّ الآخِر شرٌّ، وأنَّ السَّاعة لا تقوم إلَّا على شرار الخلق، وأنَّ الدِّين إنَّما يبقى قائمًا عند خاصَّة مِن المسلمين لا يخافون العداوات، ويحتسبون أنفسَهم على الله في القول بالحق، والقيام بالمنهج القويم في دين الله، وفي رواية الأَصِيلي: <بِمَا أَخَذَ القُرُونَ> وللنَّسَفِي وابن السَّكَن: <بِأَخْذِ القُرُونِ>. وقال ثعلب: أخَذَ أَخْذ الجهة: إذا قصد نحوها. /