شرح الجامع الصحيح لابن بطال

باب تعليم النبي أمته من الرجال والنساء مما علمه الله

          ░9▒ بابُ تَعْلِيمِ النَّبيِّ صلعم أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ ╡ لَيْسَ بِرَأيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.
          فيه: أبُو سَعِيد: (جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبيِّ صلعم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللهُ، قَالَ: اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاثَةً إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ، قَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوِ اثْنَيْنِ؟ فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، قَالَ: وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ، وَاثْنَيْنِ). [خ¦7310]
          قال المُهَلَّب: فيه مِن الفقه أنَّ العالم إذا أمكنَه أن يحدِّث بالنُّصوص عن الله تعالى ورسولِه صلعم فلا يحدِّث بنظرِه ولا قياسِه، هذا معنى التَّرجمة، لأنَّ النَّبيَّ صلعم حدَّثهم حديثًا عن الله ╡ لا يبلغُه قياس ولا نظر، وإنَّما هو توقيف ووحي، وكذلك ما حدَّثهم به مِن سنَّتِه ╕ فهو عن الله تعالى أيضًا، لقولِه تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}[النجم:3]، وقال صلعم: ((أُوْتِيْتُ الكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ)) قال أهل العلم: أراد بذلك السُّنَّة الَّتي أوتي.
          وفيه سؤال الطُّلَّاب العالم أن يجعل لهم يومًا يسمعون فيه عليه العلم، وإجابة العالم إلى ذلك، وجواز الإعلام بذلك المجلس للاجتماع فيه، وترجم له في كتاب العلم: باب(1) هل يجعل للنِّساء يومًا على حدة في العلم.


[1] قوله: ((باب)) ليس في المطبوع.