مجمع البحرين وجواهر الحبرين

باب: لا مانع لما أعطى الله

          ░12▒ باب لا مانع لما أعطى الله
          فيه حديث وراد مولى المغيرة بن شعبة قال: كتب معاوية إلى المغيرة... الحديث وسلف قريباً في الدعاء.
          وفيه: السؤال عن أفعاله ◙ في الصلاة؛ ليقتدى به.
          والجد بفتح الجيم: وهو الحظ والبخت.
          والمعنى: أن لا ينفع ذا الغنى منه غناه، وإنما ينفعه العمل بطاعتك وعلى فتح الجيم أكثر الرواة.
          وقال أبو عمرو الشيباني: هو بالكسر فيهما، وهو من جد الاجتهاد، فمعناه: لا ينفع ذا الاجتهاد من الله اجتهاده في القرب منه، ولا في الطلب لما لا يقسم له.
          وقيل: (ذا الجد) المجتهد في طلب الدنيا، فإن ذلك لا ينفعه إن ضيع أمر الآخرة، وبعضهم ذهب في الفتح إلى جد: الرزق، أي: أن الغنى والرزق لا ينفع من الله شيئاً، وهذا خط.
          ومعنى (منك) بذلك قاله الخطابي.
          وقال الجوهري: (منك) هنا بمعنى: عندك، أي: لا ينفع ذا الجد عندك الجد، ويصح أن يحمل على أن المعنى: لا ينفع ذا الجد منك جده، إن أردته بسوء. وقيل: في معنى الكسر ليس ينفع الساعي سعيه، ولا الطالب مطلبه، لا بد أن ينال كل واحد ما قدر له.
          قال الطبري في الكسر: إنه خلاف ما يعرفه أهل النقل والرواة لهذا الخبر، ولا نعلم أحداً قال ذلك غيره، مع بعد تأويله من الصحة.
          ومراد (خ) هنا بهذا الحديث: إثبات خلق الله جميع أفعال العباد؛ لأن قوله: ((لا مانع لما أعطيت)) يقتضي نفي جميع المانعين سواه، وكذلك قوله: ((ولا معطي لما منعت)) يقتضي نفي جميع المانعين سواه، وكذلك قوله ولا معطي يقتضي نفي المعطين سواه وأنه لا معطي ولا مانع على الحقيقة بفعل المنع والعطاء سواه، وإذا كان ذلك كذلك؛ ثبت أن من أعطى أو منع من المخلوقين، فإعطاؤه ومنعه خلق لله تعالى، وكسب للعبد، والله تعالى هو المعطي وهو المانع لذلك حقيقة من حيث مخترعاً خالقاً للإعطاء والمنع، والعبد مكتسب لهما بقدرة محدثة، فبان أنه إنما بقي مانعاً ومعطياً، مخترعاً للمنع والإعطاء ويخلقهما.