الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله

          3641- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ): بالحاء المهملة مصغَّراً، هو: عبدُ الله بن الزبير المكي، قال: (حَدَّثَنَا الوَلِيدُ): بفتح الواو؛ أي: ابن مسلم القرشي، قال: (حَدَّثَنِي): بالإفراد (ابْنُ جَابِرٍ): هو: عبدُ الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي.
          قال: (حَدَّثَنِي): بالإفراد (عُمَيْرُ): بالتَّصغير (ابْنُ هَانِئٍ): بكسر النون فهمزة، السَّامي (أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ): أي: ابن أبي سفيان ☺ (يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم، يَقُولُ: لاَ تزَالُ): بالفوقية وبالتحتية (مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ): بالرفع اسم ((تزال)) مؤخَّر ((ومِن أمتي)) خبر مقدَّم (قَائِمَةٌ): بالرفع في الأصولِ التي رأيناها على أنه نعتُ ((أمة)).
          ومقتضى الحديث الذي قبله نصبها على أنها الخبر و((من أمَّتي)) حال من ((أمة)). فتأمل.
          (بِأَمْرِ اللَّهِ): متعلق بـ((قائمة))، وجملة: (لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ): مستأنفة، أو حالية، أو صفة ثانية لأمَّة، أو خبر ثانٍ لـ((تزال)). فتدبر.
          (وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ): والمراد أنهم لا يضرهم من ذكر ضرراً بيِّناً (حَتَّى يَأْتِيَهُمْ): وفي بعض الأصول: <حتى يأتي> (أَمْرُ اللهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ): أي: على الحقِّ، وفي حديث عُقبة بن عامر: ((لا تزالُ عصابةٌ من أمَّتي يقاتلون على أمرِ الله قاهرين لعدوِّهم لا يضرُّهم من خالفَهم حتى تأتيهُم السَّاعة)).
          (قَالَ عُمَيْرٌ): أي: ابن هانئ، بالسند قبلَه (فَقَالَ مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ): بضم التحتية وبالخاء المعجمة فألف فميم مكسورة فراء، ممنوعٌ من الصَّرف للعلمية ووزن الفعل، ويقال: أخامر _بقلب التحتية همزة_ ويقال: خيمر، بالتصغير؛ أي: السَّكسكي نزل حمصَ، وما له في البُخاري سوى هذا الحديث، وأعادَه المصنِّف / بإسنادهِ ومتنهِ في التَّوحيد، وهو من كبارِ التابعين، وقيل: له صُحبة، ولا يصح، قاله في ((الفتح)).
          (قَالَ مُعَاذٌ): أي: ابن جبل ☺ (وَهُمْ): أي: الأمة القائمة بالحقِّ (بِالشَّامِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ): أي: ابن أبي سفيان ☺ (هَذَا مَالِكٌ): أي: ابن يُخامر السابق (يَزْعُمُ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاذًا): أي: ابن جبل.
          (يَقُولُ: وَهُمْ بِالشَّامِ): وليس في هذا تصريح بالرفع، ولذا قال العينيُّ: هذا غير مرفوعٍ، وروى الطَّبراني في ((الأوسط)) عن أبي هُريرة: ((يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرُّهم من خذَلهم ظاهرين إلى يوم القيامة)).
          وقال الزركشيُّ: قال البُخاري: في موضعٍ آخر هم أهل العلم، وقيل: المراد أنهم أهلُ الشام فإنها غرب الحجاز، وقيل: هو على ظاهرهِ، والمراد غرب الأرض، وقيل: أهل الجلدَة والشِّدة في نُصرة دين الله، وغرب كلِّ شيءٍ: جلده.
          وحديث الباب أخرجه أيضاً المصنف في التوحيد، ومسلمٌ في الجهاد.