الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

حديث: أن رجلين من أصحاب النبي خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة

          3639- وبالسند قال: (حَدَّثَنَا): بالجمع لأبي ذرٍّ (مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى): بفتح النون المشددة مقصوراً؛ أي: العنزي، قال: (حَدَّثَنَا مُعَاذٌ): بالذال المعجمة، قال: (حَدَّثَنِي): بالإفراد (أَبِي): بموحدة، هو: هشامُ بن عبد الله الدَّسْتوائي (عَنْ قَتَادَةَ): أي: ابن دِعَامة.
          قال: (حَدَّثَنَا أَنَسٌ): ولأبي ذرٍّ: <عن أنس> (☺: أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلعم): والرجلان: أسيدُ بن حُضَير، وعبادُ بن بشر (خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلعم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ): بضم الميم وكسر اللام.
          وجملة: (وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ): حالية، ومِثل _بكسر الميم_، والمصباحين: تثنية مِصْباح _بكسر الميم_ فيهما السراج (يُضِيئَانِ): بضم التحتية أوله، وضمير / التثنية عائد على ((المصباحين))، والجملة حال من ((المصباحين)).
          (بَيْنَ أَيْدِيهِمَا): أي: الرجلين وكان ذلك معجزة لرسولِ الله وإكراماً لهما وإظهاراً لسرِّ قوله عليه السلام: ((بشِّر المشَّائين في الظُّلم للمساجدِ بالنُّور التَّام يوم القيامةِ)) فأكرما ببعضِ ما ادَّخر لهما في الآخرة.
          (فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا): أي: من الرجلين (وَاحِدٌ): أي: مصباح واحد يضيء له (حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ): وورد مثل حديث الباب أو قريب منه ممَّا رواه عبد الرَّزاق في ((مصنفه)): ((أن أُسيد بن حُضِير ورجلاً من الأنصار تحدَّثا عند رسولِ الله صلعم حتى ذهبَ من الليل ساعة في ليلة شديدةِ الظُّلمة، ثم خرجا وفي يد كلِّ واحدٍ منهما عصية فأضاءتْ عصَى أحدهما حتى مشيا في ضَوئها حتى إذا افترقتْ بهما الطَّريق أضاءتْ عصَى الآخر، فمشَى كلٌّ منهما في ضوء عصَاه حتى بلغَ أهله)).
          وروى البخاري في ((تاريخه)) عن حمزة الأسلمي قال: ((كنَّا عند النَّبي صلعم في سفر فتفرَّقنا في ليلةٍ ظلمَاء فأضاءتْ أصَابعي حتى جمعوا عليها ظهرَهُم، وما هلكَ منهم وإن أصَابعِي لتنير)).
          وسيأتي إن شاء الله لذلك مزيدُ بيانٍ في مناقب أُسيد وعبَّاد، وتقدَّم الحديث في أبواب المساجد.