إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل على أخمص

          6562- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ) الغُدَانيُّ البصريُّ قال: (حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ) بن يونس (عَنْ) جدِّه (أَبِي إِسْحَاقَ) عَمرو السَّبيعيِّ (عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ) الأنصاريِّ ☺ ، أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ رَجُلٌ) هو أبو طالبٍ كما في مسلمٍ وسبق [خ¦6561] (عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ) بالتَّثنية (جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ) من حرارتهما‼ (كَمَا يَغْلِي المِرْجَلُ) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم بعدها لام، القِدْر من النُّحاس، أو من أيِّ صنفٍ كان (وَالقُمْقُمُ) بقافين مضمومتين وميمين، من آنية العطَّار، أو إناءٌ ضيِّقُ الرَّأس يُسخَّن فيه الماء من نحاسٍ وغيره، فارسيٌّ معرَّب، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ: ”بالقُمقُم“ بالموحدة بدل واو العطف، وصوَّب القاضي عياض كونهُ بالواو لا بالموحدةِ. وقال غيرهُ: يُحتمل أن تكون الباء بمعنى «مع» وعند الإسماعيليِّ: ”كما يغلي المِرجلُ أو القُمقُمُ“ بالشَّكِّ، وقال السُّهيليُّ: من باب النَّظر في حكمة الله تعالى ومُشاكلة الجزاء للعمل أنَّ أبا طالبٍ كان مع رسولِ الله صلعم بجملتهِ متحزِّبًا له إلَّا أنَّه كان متثبِّتًا بقدمه على ملَّة عبد المطَّلب حتَّى قال عند الموت: إنَّه على مِلَّة عبد المطَّلب، فسلَّط الله تعالى العذابَ على قدميه خاصَّةً لتثبيته إيَّاهما على مِلَّة آبائه، وسندُ هذا المتن أعلى من سندِ السَّابق، لكن في العالي عنعنة أبي إسحاق السَّبيعيِّ، وفي النَّازل تصريحه بالسَّماع، فانجبرَ ما فاته من العلوِّ الحسيِّ بالعلوِّ المعنويِّ.