إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابًا يوم القيامة

          6557- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد (مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالشين المعجمة المشددة، المعروف ببُنْدار قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) محمَّد بن جعفرٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بن الحجَّاج (عَنْ أَبِي عِمْرَانَ) عبد الملك بن حبيبٍ الجَونيِّ _بفتح الجيم وسكون الواو بعدها نون مكسورة_ أنَّه (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ☺ ) سقط لأبي ذرٍّ «ابن مالكٍ» (عَنِ النَّبِيِّ صلعم ) أنَّه (قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ) بكسر لام «لِأهون» وقيل: إنَّ أهون أهل النَّار هذا هو أبو طالبٍ (لَوْ أَنَّ لَكَ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ أَكُنْتَ) بهمزة الاستفهام الاستخباريِّ / وفتح التاء، ولأبي ذرٍّ بضمها (تَفْتَدِي بِهِ؟) بالفاء، من العذابِ (فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ) الله تعالى: (أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ) أي: أسهلَ (مِنْ هَذَا، وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ) حين أخذتُ الميثاق (أَنْ لَا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا فَأَبَيْتَ) فامتنعتَ حين أبرزتُك إلى الدُّنيا (إِلَّا أَنْ تُشْرِكَ بِي) الاستثناءُ مفرغ، وإنَّما حُذف المستثنى منه مع أنَّه كلامٌ موجبٌ؛ لأنَّ في الإباء مَعنى الامتناع فيكون نفيًا معنًى(1) أي: ما اخترت إلَّا الشِّرك، وظاهر قوله: «أردتُ منك» يوافقُ مذهب المعتزلة؛ لأنَّ المعنى: أردت منك التَّوحيد فخالفتَ مُرَادي وأتيتَ بالشِّرك‼. وأُجيب بأنَّ الإرادة هُنا بمعنى الأمر، أي: أمرتُك فلم تفعل؛ لأنَّه سبحانه وتعالى لم يكنْ في مُلكه إلَّا ما يريد، وقال الطِّيبيُّ: والأظهرُ أن تحملَ الإرادة هُنا على أخذِ الميثاق في آية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ}[الأعراف:172] لقرينة و«أنت في صُلب آدمَ» ويُحمَل الإباءُ على نقضِ العهد.
          والحديثُ سبقَ في «باب قول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ}[البقرة:30]» من «خَلق آدم» [خ¦3334] وفي: «باب من نوقش الحساب عذِّب»(2) [خ¦6538].


[1] «معنى»: ليست في (ع)، وضرب عليها في (ص).
[2] «عذب»: ليست في (س).