إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير

          6558- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ) محمَّدُ بن الفضل السَّدوسيُّ الحافظ، عَارم قال: (حَدَّثَنَا حَمَّادٌ) هو ابنُ زيد بنِ درهم الإمام، أبو إسماعيل الأزديُّ (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين، ابن دينارٍ (عَنْ جَابِرٍ) هو ابنُ عبد الله الأنصاريُّ ( ☺ ) وعن أبيهِ (أَنَّ النَّبِيَّ صلعم قَالَ: يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ) بحذف الفاعل. قال في «الفتح»: وثبتَ في رواية أبي ذرٍّ عن السَّرخسيِّ: ”يخرج قومٌ“ ولمسلمٍ عن أبي الرَّبيع الزَّهراني، عن حمَّاد بن زيدٍ: ”يُخْرِجُ الله قومًا من النَّار بالشَّفاعة“ (كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ) بمثلثة مفتوحة فعين مهملة وبعد الألف راءان بينهما تحتية ساكنة، جمع ثُعرور _بضم أوَّله_ كعصفور، صغار القثَّاء، شُبِّهوا بها؛ لأنَّ القثَّاء ينمو(1) سريعًا، وقيل: هو رؤوس الطَّراثيث تكون بيضاء شُبِّهوا ببياضها، واحدها: طُرْثوث، وهو نبتٌ يُؤكل. قال حمَّادٌ: (قُلْتُ) لعمرٍو: (مَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”وما“ (الثَّعَارِيرُ؟ قَالَ) عمرٌو: (الضَّغَابِيسُ) بالضاد والغين المعجمتين المفتوحتين وبعد الألف موحدة مكسورة فتحتية ساكنة فسين مهملة، وهي صِغار القثَّاء، واحدتها: ضُغْبُوس، وقيل(2): هي(3) نبتٌ ينبتُ في أُصول الثُّمام يُشبه الهليون يُسْلق بالخلِّ والزَّيت ويُؤكل، وقال أبو عبيدٍ: ويقال: الشَّعارير بالشين المعجمة بدل المثلَّثة. قال في «الفتح»: وكأنَّ هذا هو السَّبب في قول الرَّاوي (وَكَانَ) عمرو(4) (قَدْ سَقَطَ فَمُهُ) أي: سقطتْ أسنانه فنطقَ بها مثلثة، وهي شين معجمة. قال الكِرمانيُّ: ولذا لُقِّب بالأثرَم _بالمثلَّثة وفتح الراء_ إذ الثَّرَم انكسارُ الأسنان. انتهى(5). وهذا التَّشبيه لصفتهم بعد أن ينبتوا، وأمَّا في أوَّل خروجِهم من النَّار فإنَّهم يكونون كالفحمِ، كما يأتي إن شاء الله تعالى بَعْدُ [خ¦6560].
          وقال حمَّادٌ أيضًا: (فَقُلْتُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَبَا مُحَمَّدٍ) بحذف أداة النِّداء، ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: ”يا أبا محمَّدٍ“ (سَمِعْتَ) بهمزة الاستفهام المقدَّرة، أي: أسمعت (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ) ☻ (يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلعم يَقُولُ: يَخْرُجُ بِالشَّفَاعَةِ مِنَ النَّارِ) قومٌ؟ (قَالَ: نَعَمْ) سمعتُه يقول ذلك، وفيه إبطالُ مذهبِ المعتزلة القائلين بنفِي الشَّفاعة للعُصاة مُتمسِّكين بقوله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر:48] وأُجيب بأنَّها في الكفَّار، وقد تواترتِ(6) الأحاديث في إثباتها.
          والحديثُ أخرجهُ مسلمٌ في «الإيمان»‼.


[1] في (س): «تنمى».
[2] «وقيل»: ليست في (ع).
[3] في (ب): «هو».
[4] «عمرو»: ليست في (ع) و(ص) و(د).
[5] «إذ الثرم انكسار الأسنان. انتهى.»: سقطت من (د) في هذا الموضع وجاءت في نهاية الفقرة.
[6] في (ص): «تواردت».