إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: أن رسول الله بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة

          4424- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) بنُ رَاهُوْيَه قال: (حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) إبراهيمُ بنُ سعدِ بنِ إبراهيمَ بنِ عبدِ الرَّحمن بنِ عوفٍ (عَنْ صَالِحٍ) هو ابنُ كيسانَ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمَّد بنِ مسلمٍ الزُّهريِّ، أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (عُبَيْدُ اللهِ) بضم العين (بْنُ عَبْدِ اللهِ) بنِ عتبةَ بنِ مسعودٍ: (أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ) ☻ (أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى) أَبْرَوِيْز (مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ) القرشيِّ، أسلمَ قديمًا، وكان من المهاجرينَ الأوَّلينَ، وكانَ مكتوبًا فيه _على ما ذكر الواقديُّ فيما نقله صاحبُ «عيون الأثر»_:
          « ╖ من رسولِ الله محمَّد إلى كسرى عظيمِ فارس، سلامٌ على من اتَّبع الهُدى، وآمن باللهِ ورسوله، وشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، أدعوكَ بدعاية الله، فإنِّي أنا رسول الله إلى النَّاس كافَّة {لِيُنذِرَ / مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ}[يس:70] أسلم تسلم، فإن أبيتَ فعليك إثم المجوس».
          (فَأَمَرَهُ) أي: أمرَ رسولُ الله صلعم عبدَ الله بنَ حذافَةَ (أَنْ يَدْفَعَهُ) أي: الكتابَ (إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ) المنذر بن ساوى نائبِ كسرَى على البحرينِ، فتوجَّه عبدُ اللهِ بنُ حذافةَ إليه فأعطاهُ إيَّاه (فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ) بنفسهِ أو قرأَهُ غيرُهُ عليهِ (مَزَّقَهُ) بالزاي والقاف، أي: قطَّعهُ.
          قال ابنُ شهاب الزُّهريُّ: (فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيَّبِ) سعيدًا (قَالَ) بالسَّند السَّابق: (فَدَعَا عَلَيْهِمْ) على كسرى وجنودِهِ، ولأبي ذرٍّ عن المُستملي ”فَدَعَا عَليهِ“ أي: على كسرى (رَسُولُ اللهِ صلعم أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ) بفتح الزاي فيهما، أي: يتفرَّقُوا ويتقطَّعُوا، فاستجابَ الله ╡ دعاءَهُ صلعم ، فسلَّطَ الله تعالى على كسرى ابنَه شيرويه، فمزَّقَ بطنَهُ فقتلَهُ، ولم يقُم لهم بعد ذلك أمرٌ نافِذٌ، وأدبرَ عنهم الإقبالُ حتى انقرضُوا بالكلِّيَّةِ في خلافةِ عمر ☺ .
          وهذا الحديث سبق في «كتاب العلم» في «باب ما يذكر في المناولة» [خ¦64].