إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا

          4423- وبه قال: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ) السِّمسار(1) المروزِيُّ قال: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ) بنُ المباركِ المروزِيُّ قال: (أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا) أي: قَرُبَ (مِنَ المَدِينَةِ فَقَالَ: إِنَّ بِالمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ) بالقلُوبِ والنِّيَّات (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهُمْ بِالمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ) عن الغزوِ معكم، فالمعيَّةُ والصُّحبة الحقيقيةُ(2) إنما هي بالسَّيرِ بالرُّوحِ لا بمجرَّدِ البدنِ، ونيَّةُ المؤمنِ خيرٌ من عملِهِ، فتأمَّل هؤلاءِ كيفَ بلغَتْ بهم نيَّتُهم مبلغَ أولئكَ(3)‼ العاملينَ بأبدانِهم، وهم على فرشِهِم في بيوتِهِم، فالمسابقةُ إلى الله تعالى وإلى الدَّرجاتِ العوالي بالنِّيَّاتِ والهِمَمِ لا بمجرَّدِ الأعمالِ.
          وهذا الحديث سبق في «باب من حبسه العذر عن الغزو» من «الجهاد» [خ¦2839].


[1] في (م): «السمساري».
[2] في (ص): «الحقيقة».
[3] في (م): «هؤلاء».