إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة

          4084- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ) التِّنِّيسيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَالِكٌ) الإمام (عَنْ عَمْرٍو) بفتح العين وسكون الميم، ابن أبي عَمرو _بفتح العين أيضًا_ (مَوْلَى المُطَّلِبِ) بن حنطَب (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ) بفتح الطاء واللام مخففًا، وفي «بابِ فضلِ الخدمةِ في الغزوِ»، من «كتابِ الجهادِ» [خ¦2889] من طريقِ عبدِ العزيزِ بن عبدِ الله الأويسيِّ عن محمدِ بنِ جعفرٍ عن عَمرو: أنَّ أنسًا قال: «خرجتُ مع النَّبيِّ صلعم إلى خيبرَ أخدمهُ، فلمَّا قدمَ النَّبيُّ صلعم راجعًا وبدا له أُحُدٌ» (فَقَالَ: هَذَا) مشيرًا إلى أُحُدٍ (جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ) إذ جزاءُ من يُحِبُّ أن يُحَبَّ.
          قال في «الروض»: وفي الآثار المسندة: أنَّ أُحُدًا يكون(1) يوم القيامةِ عند باب الجنةِ من داخلها. وفي المسند(2) عن أبي عثمان بن جبير(3): عن رسول الله صلعم قال: «أحدٌ يحبُّنا ونحبُّه، وهو على بابِ الجنَّة. قال: وعيرٌ يبغضنَا ونبغضُه، وهو على بابٍ من أبوابِ النَّارِ» ويقوِّيه قوله صلعم (4): «المرءُ مَعْ من أحبَّ» فيناسبُ هذه الآثار، ويشدُّ بعضُها بعضًا، وقد كانَ النَّبيُّ صلعم يحبُّ الاسمَ الحسنَ، ولا أحسنَ من اسمٍ مشتقٍّ من الأحديَّةِ، وقد سمَّى الله تعالى هذا الجبلَ بهذا الاسمِ مقدمة (5) لِمَا أرادهُ اللهُ تعالى من مشاكلَةِ اسمهِ لمعناهُ؛ إذْ أهلهُ _وهم الأنصارُ_ نصروا رسولَ الله صلعم والتوحيد‼، والمبعوثَ(6)بدينِ التَّوحيدِ عندهُ استقرَّ(7) حيًّا وميِّتًا، وكان من عادتِه صلعم أن يستعملَ الوترَ ويحبَّهُ في شأنهِ كلِّه؛ استشعارًا للأحديَّةِ فقد وافقَ اسمُ هذا الجبلِ لأغراضهِ(8) صلعم ومقاصدِهِ في الأسماءِ، فتعلَّقَ الحبُّ من النَّبيِّ صلعم به اسمًا ومسمَّى، فخُصَّ من بينِ(9) الجبالِ بأن يكونَ معه في الجنَّة إذا {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا. فَكَانَتْ هَبَاء مُّنبَثًّا}[الواقعة:5-6] قال: وفي أحدٍ قبرُ هارون أَخي موسى ╨ ، وكانا قد مرَّا بأُحُدٍ حاجَّينِ أو مُعْتمرين، رُويَ هذا المعنى في حديثٍ أسندَهُ الزُّبيرُ عنِ النَّبيِّ صلعم في «كتاب فضائل المدينة» [خ¦1870] [خ¦1873]. انتهى.
          (اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ) الخليل ╕ (حَرَّمَ مَكَّةَ) بتحريمكَ لها على لسانهِ (وَإِنِّي حَرَّمْتُ المَدِيْنَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا) بتخفيف الموحدة، تثنيةُ لابةٍ وهي الحرَّة، والمدينةُ بين حرَّتينِ، وفي «الجهادِ» [خ¦2889] «كتحريمِ إبراهيمَ مكَّةَ»، ومرادُهُ في الحرمةِ فقط لا في وجوب الجزاء.


[1] «يكون»: ليس في (ص) و(م).
[2] في (د): «مسند» ومراده: الحديث المسند المتصل.
[3] كذا في الأصول، والصواب: «أبي عبس بن جبر» كما في «المجمع»(4/13) ، و«اللآلئ المصنوعة» (1/93) ، و«الكنى» للدولابي(1/43).
[4] قوله: «قال: أحد يحبنا ونحبه... ويقوِّيه قوله صلعم»: ليس في (م).
[5] في (ص): «تقدِمة».
[6] في (ص): «المبعوث».
[7] في (ص): «استقر عنده».
[8] في (ب) و(س): «أغراضه».
[9] في (ص): «دون».