إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين

          3894- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ ”حدَّثنا“ (فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ) بفتح الميم وسكون الغين المُعجَمة ممدودًا، الكنديُّ قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ) بضمِّ الميم وسكون المُهمَلة، قاضي الموصل، القرشيُّ الكوفيُّ (عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزُّبير (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي) أي: عقدَ عليَّ (النَّبِيُّ صلعم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ) أنا وأمِّي أمُّ رومان وأختي أسماء بعد النَّبيِّ صلعم وأبي بكرٍ ☺ (فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ) ولأبي ذرٍّ ”ابن(1) الخزرج“ (فَوُعِكْتُ) بضمِّ الواو وسكون الكاف، أي: حُمِمْتُ (فَتَمَرَّقَ) بالرَّاء المهملة(2) المُشدَّدة، وكذا للكشميهنيِّ(3)، أي: انتتف (شَعَرِي) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي ”فتمزَّق“ بالزَّاي، أي: انقطع، لكن قال القاضي عياضٌ: إنَّه بالزَّاي عند الكُشْميهَنيِّ عكس ما هنا (فَوَفَى) بتخفيف الفاء، أي: كَثُر، وفيه حذفٌ تقديره: ثمَّ نصلت من الوعك، فتربَّى شعري، فكَثُر(جُمَيْمَةًٌ) بضمِّ الجيم وفتح الميمين بينهما تحتيَّةٌ ساكنةٌ، مُصغَّر «جُمَّةٍ» _بضمِّ الجيم_ من شعر الرَّأس ما سقط عن(4) المنكبين، فإذا كان إلى شحمة / الأذنين سُمِّي وفرة، و«جميمةًٌ» بالرفع على الفاعلية، وفي الفرع بالنصب (فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ) زينب الفراسيَّة (وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ) بضمِّ الهمزة وسكون الرَّاء وضمِّ الجيم وبعد الواو حاءٌ مُهمَلةٌ؛ حبلٍ يُشَدُّ في كلٍّ من طرفيه خشبةٌ، فيجلس واحدٌ على طرفٍ، وآخر على الآخر، ويُحرَّكان فيميل أحدهما بالآخر؛ نوعٌ من لعب الصِّغار (وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي) بغير تنوينٍ (فَصَرَخَتْ بِي، فَأَتَيْتُهَا‼ لَا) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ ”ما“ (أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي) وللكشميهنيِّ ”منِّي“ (فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأُ َنْهَـِجُ) بالنُّون والجيم مع فتح الهمزة والهاء، وبضمِّ الهمزة وكسر الهاء، أي: أتنفَّس نفسًا عاليًا من الإعياء (حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي) بفتح الفاء (ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ) لم أعرف أسماءهنَّ (فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ) أي: على خير حظٍّ ونصيبٍ (فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي) بفتح التَّحتيَّة وضمِّ الرَّاء وسكون العين المهملة، فلم يفجأني (إِلَّا رَسُولُ اللهِ صلعم ) قد دخل عليَّ (ضُحًى) على غير علمٍ (فَأَسْلَمْنَنِي) النِّسوة الأنصاريَّات (إِلَيْهِ) وعند أحمد من وجهٍ آخر: «فوقفت بي عند الباب حتَّى سكنت نفسي... الحديث» وفيه: «فإذا رسول الله صلعم جالسٌ على سرير وعنده رجالٌ ونساءٌ من الأنصار، فأجلستني(5) في حجره، ثمَّ قالت: هؤلاء أهلك يا رسول الله، بارك الله لك فيهم، فوثب الرِّجال والنِّساء، وبنى بي رسول الله صلعم في بيتنا» (وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ) وكان ذلك في شوَّالٍ من السَّنة الأولى من الهجرة(6) أو الثَّانية، وقولها في حديث أحمد ☺ _«وبنى بي»_ يردُّ قول(7) الجوهريِّ في «الصِّحاح»: العامَّة تقول: بنى بأهله، وهو خطأٌ، وإنَّما يُقال: بنى على أهله، والأصل فيه(8): أنَّ(9) الدَّاخل على أهله يضرب عليه قبَّة ليلة الدُّخول، ثمَّ قيل: لكلِّ داخلٍ بأهله بانٍ. انتهى.
          وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه في «النِّكاح».


[1] «ابن»: ليس في (ص).
[2] «المهملة»: مثبتٌ من (م).
[3] «وللكشميهنيِّ»: ليس في (ص) و(م)، و«كذا»: مزيدةٌ للإيضاح.
[4] في (م): «تحت».
[5] في (م): «فأجلسني»، وهو تحريفٌ.
[6] «من الهجرة»: ليس في (ب) و(ص) و(م).
[7] زيد في (م): «على قول».
[8] «والأصل فيه»: ليس في (ص) و(م).
[9] في غير (ب) و(س): «إذ».