إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عباسفي قوله تعالى: {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك}

          3888- وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبد الله بن الزُّبير قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة قال: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو) بفتح العين، ابن دينارٍ (عَنْ عِكْرِمَةَ) مولى ابن عبَّاسٍ ☻ (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ☻ فِي) تفسير (قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ}[الإسراء:60] قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللهِ) ولأبي ذرٍّ: ”النَّبيُّ“ ( صلعم لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ) وبذلك تمسَّك من قال: كان الإسراء في المنام، ومن قال: كان في اليقظة فسَّر الرُّؤيا بالرُّؤية من قول(1): «أُريها ليلة أُسرِي به» والإسراء إنَّما كان في اليقظة لأنَّه لو كان منامًا ما كذَّبته قريشٌ فيه، وإذا كان ذلك في اليقظة وكان المعراج في تلك اللَّيلة لزم أن يكون في اليقظة أيضًا، إذ لم يقل أحدٌ إنَّه نام لمَّا وصل إلى بيت المقدس ثمَّ عُرِج به وهو نائمٌ وإنَّما كان في اليقظة، فإضافة الرُّؤيا إلى العين للاحتراز عن رؤيا القلب (قَالَ) ابن عبَّاسٍ ☻ : ({وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ}[الإسراء:60] قَالَ: هِيَ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) واختاره ابن جريرٍ قال(2): لإجماع الحجة من أهل التَّأويل على ذلك، أي: في الرُّؤيا والشَّجرة، فإن قلت: ليس في القرآن ذكر لعن شجرة الزَّقُّوم؛ أُجيب بأنَّ المعنى: والشَّجرة الملعون آكلوها وهم الكفَّار؛ لأنَّه قال: {فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ}[الصافات:66] فُوصِفت بلعن أهلها على المجاز، ولأنَّ العرب تقول لكلِّ طعامٍ مكروهٍ وضارٍّ: ملعونٌ، ولأنَّ اللَّعن هو الإبعادُ من الرَّحمة، وهي في {أَصْلِ الْجَحِيمِ}[الصافات:64] في أبعد مكانٍ من الرَّحمة.


[1] في (م): «زمن قال»، ولعلَّه تحريفٌ.
[2] «قال»: ليس في (ب)، وضُرِب عليه في (م).