إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: والله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله

          3872- وبه قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِي) المُسنَديُّ قال: (حَدَّثَنَا هِشَامٌ) هو ابن يوسف الصَّنعانيُّ قال: (أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ) هو ابن راشدٍ عالمُ اليمن (عَنِ / الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم ابن شهابٍ، أنَّه قال: (حَدَّثَنَا) وفي نسخةٍ ”أخبرني“ بالإفراد(1) (عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ) بضمِّ العين وفتح المُوحَّدة (بْنَ عَدِيِّ بْنِ الخِيَارِ) بكسر الخاء المُعجَمة وتخفيف التَّحتيَّة (أَخْبَرَهُ: أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ) بن نوفلٍ الزُّهريَّ الصَّحابيَّ الصَّغير (وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ) بالغين المعجمة المضمومة والمُثلَّثة، الزُّهريّ، من صلحاء التَّابعين وأشرافهم (قَالَا لَهُ) أي: لعبيد الله بن عديِّ بن الخيار: (مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَ خَالَكَ عُثْمَانَ) بن عفَّان، ليست أمُّه أختًا له بل من رهطه (فِي أَخِيهِ) لأمِّه (الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ؟) بضمِّ العين وسكون القاف، ابن أبي مُعيطٍ، وكان عثمان ولَّاه الكوفة بعد عزل سعد بن أبي وقاصٍ ☺ (وَكَانَ أَكْثَرَ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ ”أكبر“ بالمُوحَّدة بدل المُثلَّثة (النَّاسُ فِيمَا فَعَلَ) عثمان (بِهِ) بالوليد من تقويته في الأمور وإهماله حدَّ شربه المسكر (قَالَ عُبَيْدُ اللهِ) بن عديٍّ: (فَانْتَصَبْتُ لِعُثْمَانَ حِينَ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً وَهْيَ نَصِيحَةٌ) لك (فَقَالَ: أَيُّهَا المَرْءُ أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ) قال ذلك لأنَّه فهم أنَّه يكلِّمه بما فيه إنكارٌ عليه، فيضيق صدره لذلك، قال عبيد الله: (فَانْصَرَفْتُ، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلَاةَ) نصبُ مفعولٍ (جَلَسْتُ إِلَى المِسْوَرِ وَإِلَى ابْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَحَدَّثْتُهُمَا بِالَّذِي قُلْتُ لِعُثْمَانَ وَ) الذي (قَالَ لِي) عثمان (فَقَالَا: قَدْ قَضَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْكَ، فَبَيْنَمَا) بالميم (أَنَا جَالِسٌ مَعَهُمَا؛ إِذْ جَاءَنِي رَسُولُ عُثْمَانَ) لم يُسَمَّ (فَقَالَا) المسور وابن عبد يغوث (لِي: قَدِ ابْتَلَاكَ اللهُ) يأتي تفسيره بعدُ _إن شاء الله تعالى_ من قول المصنِّف (فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ‼ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا نَصِيحَتُكَ الَّتِي ذَكَرْتَ آنِفًا؟) بمدّ الهمزة (قَالَ: فَتَشَهَّدْتُ) وسقط لفظ «قال(2)» في الفرع وثبت في الأصل (ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلعم ) سقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ (وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الكِتَابَ، وَكُنْتَ مِمَّنِ اسْتَجَابَ للهِ وَرَسُولِهِ صلعم ) وسقطت التَّصلية في رواية أبي ذرٍّ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ ”ممَّن استجابَ اللهَ ورسولَه“ (وَآمَنْتَ بِهِ، وَهَاجَرْتَ الهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ) بضمِّ الهمزة وسكون الواو وفتح اللَّام والتَّحتيَّة الأولى وتسكين الثَّانية، تثنية «أولى» على التَّغليب بالنِّسبة إلى هجرة الحبشة، فإنَّها كانت أولى وثانيةً، أمَّا إلى المدينة؛ فلم تكن إلَّا واحدةً، وهذا هو المراد من هذا الحديث في هذا الباب؛ كما لا يخفى.
          (وَصَحِبْتَ رَسُولَ اللهِ صلعم وَرَأَيْتَ هَدْيَهُ) طريقه (وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ) الكلام (فِي شَأْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ) بسبب شربه الخمر وسوء سيرته (فَحَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تُقِيمَ عَلَيْهِ الحَدَّ، فَقَالَ لِي) أي: على عادة العرب: (يَا ابْنَ أَخِي) ولأبي ذرٍّ: ”أختي“، قال الكِرمانيُّ: هي الصَّواب؛ لأنَّه كان خاله (أَدْرَكْتَ) بتاء الخطاب (رَسُولَ اللهِ صلعم ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا) أي: لم أدركه إدراك من يعي عنه، وليس مراده نفي الإدراك بالسِّنِّ؛ لأنَّه وُلِد في حياته ╕ (وَلَكِنْ قَدْ خَلَصَ) أي: وصل (إِلَيَّ مِنْ عِلْمِهِ مَا خَلَصَ) ما وصل (إِلَى العَذْرَاءِ) بالذَّال المُعجَمة والمدِّ: البِكْر (فِي سِتْرِهَا) بكسر السِّين، أي: من شرعه الشَّائع الذَّائع الذي ليس يخفى على أحدٍ (قَالَ: فَتَشَهَّدَ عُثْمَانُ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلعم بِالحَقِّ) سقط لفظ «قد» و«التَّصلية» لأبي ذرٍّ (وَأَنْزَلَ(3) عَلَيْهِ الكِتَابَ، وَكُنْتُ مِمَّنِ اسْتَجَابَ للهِ وَرَسُولِهِ صلعم ) سقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ (وَآمَنْتُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”ممَّن استجاب اللهَ ورسولَه وآمنَ“ (بِمَا بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ صلعم ) سقطت التَّصلية لأبي ذرٍّ (وَهَاجَرْتُ الهِجْرَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ) الحبشة والمدينة (كَمَا قُلْتَ) بتاء الخطاب لعبيد الله (وَصَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم وَبَايَعْتُهُ) من المبايعة، ولأبي ذرٍّ: ”وتابعته“؛ «بالفوقيَّة» بدل: «المُوحَّدة»، من المُتابعَة (وَاللهِ) بالواو، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”فوالله“؛ بالفاء (مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ، فَوَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ) بضمِّ الفوقيَّة، مبنيًّا للمفعول (عُمَرُ) ☺ (فَوَاللهِ مَا عَصَيْتُهُ وَلَا غَشَشْتُهُ) زاد أبو ذرٍّ(4): ”حتَّى توفَّاه الله“ (ثُمَّ اسْتُخْلِفْتُ) بضمِّ الفوقيَّة، مبنيًّا للمفعول (أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ) بهمزة / الاستفهام (مِثْلُ) ولأبي ذرٍّ: ”من الحقِّ مثل“ (الَّذِي كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ؟) بتشديد الياء، وسقطت من الفرع، وثبتت في أصله (قَالَ) عبيد الله‼: (بَلَى، قَالَ) عثمان: (فَمَا هَذِهِ الأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟) بسبب تأخير الحدِّ عن الوليد (فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ شَأْنِ الوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ) سقط «ابن عقبة» لأبي ذرٍّ (فَسَنَأْخُذُ فِيهِ _إِنْ شَاءَ اللهُ_ بِالحَقِّ، قَالَ) عبيد الله: (فَجَلَدَ الوَلِيدَ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً) بعد أن شهد عليه حمران والصَّعب بن جَثَّامة أنَّه قد شرب الخمر (وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَجْلِدَهُ، وَكَانَ هُوَ) أي: عليٌّ (يَجْلِدُهُ) ولا تَنافيَ بين قوله هنا: «أربعين» وقوله في «مناقب عثمان» [خ¦3696] «ثمانين» لأنَّ التَّخصيص بالعدد لا ينفي الزَّائد، أو كان الجلد بسوطٍ له طرفان.
          (وَقَالَ يُونُسُ) بن يزيد الأيليُّ، ممَّا وصله في «مناقب عثمان» [خ¦3696] (وَابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن عبد الله بن مسلمٍ، ممَّا وصله ابن عبد البرِّ في «تمهيده» (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلمٍ (أَفَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمْ مِنَ الحَقِّ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُمْ؟) وهذا التَّعليق عن يونس وابن أخي الزُّهريِّ ثابتٌ في رواية المُستملي فقط (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ) البخاريُّ في قوله: «ابتلاك الله»: ({بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ}[البقرة:49]) أي: (مَا ابْتُلِيتُمْ بِهِ مِنْ شِدَّةٍ، وَفِي مَوْضِعٍ) آخر (البَلَاءُ) هو (الاِبْتِلَاءُ وَالتَّمْحِيصُ) بالحاء والصَّاد المهملتين (مَنْ بَلَوْتُهُ) بالواو (وَمَحَّصْتُهُ، أي: اِسْتَخْرَجْتُ مَا عِنْدَهُ) ويشهد له قوله: (يَبْلُو) أي: (يَخْتَبِرُ، ومُبْتَلِيكُمْ) أي: (مُخْتَبِرُكُمْ) ثمَّ استطرد فقال: (وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلَاءٌ) من ربِّكم(5) (عَظِيمٌ) فالمراد به: (النِّعَمُ) بكسر النُّون (وَهِيَ مِنْ أَبْلَيْتُهُ) إذا أنعمت عليه (وَتِلْكَ) أي: الأولى (مِنِ ابْتَلَيْتُهُ) وهذا كلُّه ثابتٌ في رواية المُستملي وحده.


[1] زيد في (ص) و(م): «والخاء».
[2] في (م): «وسقط لفظ: باب لأبي ذرٍّ»، وليس بصحيحٍ.
[3] زيد في (م): الاسم الكريم، وليس في «اليونينيَّة».
[4] «زاد أبو ذرٍّ»: سقط من (م).
[5] «من ربِّكم»: ليس في (ص) و(م).