إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لما قدموا المدينة آخى رسول الله بين عبد الرحمن وسعد

          3780- وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) الأويسيُّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ) بسكون العين (عَنْ أَبِيهِ) سعدٍ (عَنْ جَدِّهِ) إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ أنَّه‼ (قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ) أي: النَّبيُّ صلعم وأصحابه، وهذا صورته صورة(1) الإرسال؛ لأنَّ إبراهيم بن عبد الرَّحمن لم يشهد ذلك، لكنَّ المؤلِّف ساق الحديث في أوَّل «البيع» [خ¦2048] من طريقٍ ظاهرها الاتِّصال، وهي طريق عبد العزيز بن عبد الله حدَّثنا إبراهيم بن سعدٍ عن أبيه عن جدِّه قال: قال عبد الرَّحمن بن عَوْفٍ: لمَّا قدمنا المدينة (آخَى رَسُولُ اللهِ صلعم بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) أحد العشرة المُبشَّرة بالجنَّة (وَ) بين (سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ) بفتح الرَّاء، ابن عمرو بن أبي زُهَيرٍ الأنصاريِّ الخزرجيِّ النَّقيب (قَالَ) ولأبي ذرٍّ: ”فقال“ أي: سعدٌ (لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ مَالِي نِصْفَيْنِ) وفي «البيع»: «فأَقْسِمُ لك نصفَ مالي» (وَلِي امرَأَتَانِ) اسم إحداهما عَمْرةُ بنت حزمٍ، والأخرى لم تُسَمَّ (فَانْظُرْ) في نفسك (أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ، فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا) بالجزم، جواب الأمر (فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؛ فَتَزَوَّجْهَا) بالجزم على الأمر (قَالَ) له عبد الرَّحمن: (بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ) وفي «البيع» [خ¦2048] «لا حاجة لي في ذلك» (أَيْنَ سُوقُكُمْ؟) بالجمع، ولأبي ذرٍّ: ”سوقك“ (فَدَلُّوهُ عَلَى سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ) بقافٍ مفتوحةٍ فتحتيَّةٍ ساكنةٍ فنونٍ مضمومةٍ وبعد القاف ألفٌ فعينٌ مُهمَلةٌ، غير مصروفٍ على إرادة القبيلة، وبالصَّرف على إرادة الحيِّ: بطنٍ من اليهود أُضِيف إليهم السُّوق (فَمَا انْقَلَبَ) عبد الرَّحمن منه (إِلَّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقْـِطٍ) بفتح الهمزة وكسر القاف، وقد تُسكَّن، قال عياضٌ: هو جبن اللَّبن المستخرج زبده، وخصَّه ابن الأعرابيِّ بالضَّأن، وقيل: لبنٌ مُجفَّفٌ مستحجرٌ يُطبَخ به (وَسَمْنٍ، ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوَّ) أي: الذَّهاب في صبيحة كلِّ يومٍ إلى السُّوق للتِّجارة (ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ) من الطِّيب الذي استعمله عند الزِّفاف (فَقَالَ النَّبِيُّ صلعم ) له: (مَهْيَمْ؟) بفتح الميم وسكون الهاء وفتح التَّحتيَّة وسكون الميم؛ كلمةٌ يمانيَّةٌ، أي: ما هذا؟ وقال بعض المتأخِّرين: أصلها(2): ما هذا الأمر؟ فاقتصر من كلِّ كلمةٍ على حرفٍ؛ لأمن اللَّبس (قَالَ) عبد الرَّحمن: (تَزَوَّجْتُ) زاد في الرِّواية اللَّاحقة [خ¦3781] كالتي في «البيع» [خ¦2048] «امرأةً من الأنصار» ولم تُسَمَّ، نعم هي بنت أنس بن رافعٍ الأنصاريِّ الأوسيِّ، وفي «الأوسط» للطَّبرانيِّ: عن أبي هريرة ☺ بسندٍ فيه ضعفٌ: «أتى رسول الله صلعم وقد خَضَبَ بالصُّفرة، فقال: ما هذا الخضاب، أعرست؟ قال: نعم» (قَالَ) ╕ : (كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا) مهرًا؟ (قَالَ): سقتُ إليها (نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ) قال: (وَزْنَ نَوَاةٍ) أي: خمسة دراهم (مِنْ ذَهَبٍ) وسقط «من ذهبٍ» هذه لأبي ذرٍّ (شَكَّ إِبْرَاهِيمُ) بن سعدٍ الرَّاوي.
          ومرَّ هذا الحديث في أوَّل «البيوع» [خ¦2048] ويأتي إن شاء الله تعالى زوائد فوائد قريبًا في الحديث التَّالي.


[1] «صورة»: ليس في (ص) و(م).
[2] في (ص) و(م): «أصله».