إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

ضبط الحديث

           ويُستَحبُّ الاعتناء بضبط الحديث وتحقيقه نقطًا وشكلًا، وإيضاحًا من غير مَشْقٍّ ولا تعليقٍ، بحيث يُؤمَن معه اللَّبس، وإنَّما يَشكِل المُشكِل، ولا يشتغل بتقييد الواضح. وصوَّب عيَّاضٌ شَكْل الكلِّ للمبتدئ وغير المُعرِب، ورأى بعض مشايخنا الاقتصار في ضبط «البخاريِّ» على روايةٍ واحدةٍ، لا كما يفعله من ينسخ «البخاريَّ» من نسخة الحافظ شرف الدِّين اليونينيِّ؛ لما يقع في ذلك من الخلط الفاحش بسبب عدم التَّمييز، ويتأكَّد ضبط الملتبس من الأسماء؛ لأنَّه نقلٌ محضٌ لا مدخل للأفهام فيه؛ كَبُريد _بضمِّ الموحَّدة_ فإنَّه يشتبه بيزيد بالتَّحتيِّة، فضبط ذلك أَوْلى؛ لأنَّه ليس قبله ولا بعده شيءٌ يدلُّ عليه، ولا مدخل للقياس فيه، وليُقابِل ما يكتبه بأصل شيخه، أو بأصل أصل شيخه المُقابَل به أصل شيخه، أو فرعٍ مُقابَلٍ بأصل السَّماع، وليُعْنَ بالتَّصحيح بأن يكتب «صحَّ» على كلامٍ صحَّ روايةً ومعنًى؛ لكونه عرضةً للشَّكِّ أو الخلاف. وكذا بالتَّضبيب، ويسمَّى: التَّمريض، بأن يمدَّ خطًّا، أوَّله كرأس الصَّاد، ولا يلصقه بالممدود عليه، على ثابتٍ نقلًا، فاسدٍ لفظًا أو معنًى، أو ضعيفٍ أو ناقصٍ، ومن النَّاقص موضع الإرسال. وإذا كان للحديث إسنادان فأكثر؛ كتبَ عند الانتقال من إسنادٍ إلى إسنادٍ «ح» مفردةً مُهمَلةً؛ إشارةً إلى التَّحويل من أحدهما إلى الآخر، ويأتي مبحثها _إن شاء الله تعالى_ في أوائل الشرح. وإذا قرأ إسنادَ شيخِه المحدِّثُ أوَّل الشُّروع وانتهى؛ عطف عليه بقوله في أوَّل الذي يليه: وبه قال: حدَّثنا؛ ليكون كأنَّه أسنده إلى صاحبه في كلِّ حديثٍ.