إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

المدرج

          والمُدرَج: كلامٌ يُذكَر(1) عقب الحديث متَّصلًا يوهم أنَّه منه‼، أو يكون عنده متنان بإسنادَين، فيرويهما بأحدهما، كرواية سعيد ابن أبي مريم: «لا تَباغضوا ولا تَحاسدوا ولا تَدَابروا ولا تَنافسوا»، أَدرج ابن أبي مريم: «ولا تنافسوا» من متنٍ آخر، أو يسمع حديثًا من جماعةٍ مختلِفين في إسناده أو متنه، فيرويه عنهم على الاتِّفاق، أو يسوق الإسناد، فيعرض له عارضٌ، فيقول كلامًا من قِبَل نفسه، فيظنُّ بعضُ مَن سمعه أنَّ ذلك الكلام من متن الحديث، فيرويه عنه كذلك.
          ويكون في المتن؛ تارةً في أوَّله كحديث أبي هريرة: «أسبِغوا الوضوء، فإنَّ أبا القاسم صلعم قال: ويلٌ للأعقاب من النَّار» [خ¦165]، فـ «أسبغوا» من قول أبي هريرة، والباقي مرفوعٌ، ويكون أيضًا في أثنائه، وفي آخره، وهو الأكثر؛ إلى آخره كحديث ابن مسعودٍ: «أنَّه صلعم علَّمه التَّشهُّدَ في الصَّلاة، فقال: التَّحيَّات لله...» [خ¦831] أدرج فيه أبو خَيْثَمَة زهير بن معاوية أحدُ رواته عن الحسن بن الحرِّ هنا كلامًا لابن مسعود، وهو: «فإذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد».
          والعالي خمسةٌ: المطلق؛ وهو القرب من رسول الله صلعم بعددٍ قليلٍ، بالنِّسبة إلى سندٍ آخرَ يَرِدُ بذلك الحديث بعينه بعددٍ كثيرٍ، أو بالنِّسبة لمطلق الأسانيد.
          والقرب من إمامٍ من أئمَّة الحديث ذي صفةٍ عاليةٍ؛ كالحفظ والضَّبط، كمالكٍ والشَّافعيِّ،
          والقرب بالنِّسبة لرواية الشَّيخين وأصحاب / السنن.
          والعلوُّ بتقدُّم وفاة الرَّاوي، سواء كان سماعه مع(2) متأخِّر(3) الوفاة في آنٍ واحدٍ أو قبله.
          والعلوُّ بتقدُّم السَّماع، فَمَنْ تقدَّم سماعه من شيخٍ أعلى ممَّن سمع من ذلك الشَّيخ نفسه بعده.
          والنَّازل؛ كالعالي بالنِّسبة إلى ضدِّ الأقسام العالية.


[1] في (م): «يدرج».
[2] في (ص): «من»، وهو تحريفٌ.
[3] في (ص) و (م): «المتأخِّر». وكذا في نسخة العجمي.