الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب صلاة النوافل جماعة

          ░36▒ (باب: صَلاة النَّوافل جَمَاعَة)
          كتبَ الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «اللَّامع»: وعلماؤنا الحنفيَّة ▓ لم يجوزِّوا مَِن الجماعة إلَّا ما ثبت كالكسوف والعيدين، وفي النَّوافل الَّتِي لم تثبت الجماعة فيها لا يجوز التَّداعي لها والاجتماع فيها، نعم يرخَّص في قيام اثنين أو ثلاثة، وذلك لأنَّه ثابت كما ورد في صلاته صلعم مع أنس وأمِّه واليتيم وغير ذلك، [وذلك] لأنَّ في رخصة الصَّلاة بالجماعة لزومَ مفاسد، فلا يقدَّم عليها إلَّا لورود نصٍّ، مع أنَّ النَّصَّ مشير إلى خلافه، وهو قوله صلعم: ((أَفْضَلُ صَلَاةِ اَلْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ)) ويفوت ذلك عند التَّداعي والاجتماع على / إمام معيَّن ولو في بيت أحد منهم.
          والمسألة خلافيَّة، ففي «المنهل»(1) في حديث انفكاك قدمه صلعم ولفظه: ((فأتيناه نعوده فَوَجَدْناه في مَشْرُبَة لعائشة يُسَبِّح جالسًا، قال: فقمنا خلفه))... الحديث، قال صاحب «المنهل»: دلَّ الحديث على جواز الجماعة في النَّافلة ولو كثرت، وقيَّده المالكيَّة في غير التَّراويح والعيد ونحوِهما بأنْ تكون الجماعة قليلة كالاثنين والثَّلاثة، وبأن يكون المكان غير مشتهر، وذهبت الحنفيَّة إلى الكراهة مطلقًا إلَّا في التَّراويح والوتر في رمضان، وذهبت الحنابلة والشَّافعيَّة إلى الجواز مطلقًا، إلَّا أنَّ الشَّافعيَّة قالوا بالانفراد فيما عدا التَّراويحَ والعيدين ونحوهما. انتهى.
          قلت: [والصَّحيح] في مذهب الحنفيَّة ما تقدَّم في كلام الشَّيخ قُدِّس سرُّه.


[1] المنهل الجاري: للخيضري محمَّد بن محمَّد ت 894 هـ جرد فيه أسئلة مع الأجوبة من فتح الباري (كشف الظنون:1/552)