الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب طول السجود في قيام الليل

          ░3▒ (باب: طُول السُّجود فِي قِيَام اللَّيل)
          قال القَسْطَلَّانيُّ: أي: للدُّعاء والتَّضرُّع إلى الله تبارك وتعالى، إذ هو أبلغ أحوال التَّواضع والتَّذلُّل، ومِنْ ثمَّ كان أقرب ما يكون العبد مِنْ ربِّه وهو ساجد. انتهى.
          ولا يبعد أن يكون إشارة إلى ردِّ مَنْ قال: إنَّ الأفضل في النَّهار كثرة السُّجود، وفي اللَّيل طول القيام، لكن يشكل عليه أنَّه سيأتي قريبًا: (باب: طول القيام في صلاة اللَّيل)، فالأوجه أنَّه أشار بالتَّرجمة إلى تعيين أحد الاحتمالين في هذه السَّجدة المذكورة في حديث الباب، بأنَّها كانت سجدة الصَّلاة لا بعدها؛ سجدةً منفردة، وعلى هذا تكون التَّرجمة شارحة.
          وفي «الفيض»: إن النَّسائي بوَّب على الحديث بأنَّ تلك السَّجدة الطويلة كانت على حِدة لا في ضمن الصَّلاة، قلت: وهو بعيد عن الصَّواب، بل كانت مِنْ أركان الصَّلاة، أمَّا السَّجدة المفردة فاستحبَّها الشَّافعيَّة في أوقات مختلفة بأن يسجد بها متى شاء، وهذا في غير موضع الشُّكر أيضًا.
          قلت: ولا أصل لها عندنا، نعم في الكتب في سجدة الشُّكر قولان، ولا بدَّ مِنَ القول بالجواز، وأمَّا ما اعتاد بها النَّاس بعد الوتر والتراويح فمنع عنها في الكبيري «شرح المنية»(1).انتهى.
          وقالَ الشَّيخ في «البذل»: وكونها سجدة الصَّلاة مبنيٌّ على لفظ الحديث الَّذِي اتَّفق عليه الشَّيخان، وأمَّا لفظ رواية أبي داود: ((ويوتر بواحدة ويمكث في سجوده... )) إلى آخره ، فهو محتمل لسجدة الشُّكر وسجدة الصَّلاة(2)... إلى آخر ما قال.


[1] فيض الباري:2/554
[2] بذل المجهود:7/100