الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من تسحر فلم ينم حتى صلى الصبح

          ░8▒ (باب: مَن تَسَحَّر فَلم يَنَم حتَّى صلَّى الصُّبح)
          قال الحافظ في الباب السَّابق تحت حديث عائشة: (ما ألفَاه السَّحَر عندي إلَّا نَائمًا) قال ابن التِّينِ: قولها: (إلَّا نائمًا)، تعني: مضطجعًا على جنبه لأنَّها قالت في حديث آخر: (فإن كنت يقظانة حدَّثني وإلَّا اضطجع) وتعقَّبه ابن رُشيد: بأنَّه لا ضرورة لحمل هذا التَّأويل لأنَّ السِّياق ظاهر في النَّوم حقيقة، وظاهر في المداومة على ذلك، ولا يلزم مِنْ أنَّه كان ربَّما لم ينم وقت السَّحر هذا التَّأويل، فدارَ الأمر بين حمل النَّوم على مجاز التَّشبيه أو حمل التَّعميم على إرادة التَّخصيص، والثَّاني أرجح، وإليه ميل البخاريِّ لأنَّه قد ترجم بقوله: (مَنْ نام عند السَّحر) ثمَّ ترجم عقبه بقوله: (مَنْ تسَحَّر فلم ينم)) فأومأ إلى تخصيص رمضان مِنْ غيره، فكأنَّ العادة جرت في جميع السَّنة أنَّه كان ينام عند السَّحر إلَّا في رمضان فإنَّه كان يتشاغل بالسُّحور في آخر اللَّيل، ثمَّ يخرج إلى صلاة الصُّبح عقبه، وقال ابن بطَّالٍ: النَّوم وقت السَّحر كان يفعله النَّبيُّ صلعم في اللَّيالي الطِّوال وفي غير شهر رمضان، كذا قال، ويحتاج في إخراج اللَّيالي القصار إلى دليل. انتهى ما في «الفتح».