الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم

          ░37▒ (باب: اقرؤوا القرآن ما ائتلف(1) قلوبكم)
          أي: ما اجتمعت قلوبكم عليه، يعني: اقرؤوه على نشاطٍ منكم وخواطرُكم مجموعةٌ، فإذا حصل لكم ملالةٌ فاتركوه، فإنَّه أعظمُ مِنْ أن يقرأه أحد مِنْ غير حضور القلب، كذا فسَّره الطِّيْبيُّ، وقال الكَرمانيُّ: الظَّاهر أنَّ المراد: اقرؤوا القرآن(2) ما دام بين أصحاب القراءة ائتلافٌ، فإذا حصل اختلافٌ فقوموا عنه، وقال ابن الجوزيِّ: كان اختلاف الصَّحابة يقع في القراءات واللُّغات، فأُمروا بالقيام عند الاختلاف، لئلَّا يجحَد أحدُهم ما يقرؤه الآخر فيكونَ جاحدًا لِما أنزل الله ╡. انتهى مِنَ العينيِّ.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: وحمله القاضي عِياضٌ على الزَّمن النَّبويِّ خوف نزول ما يسوء، ويحتمل كما في «الفتح» أن يكون المعنى: اقرؤوا والزموا الائتلاف على ما دلَّ عليه وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف أي: أو عرض عارضُ شبهةٍ يقتضي المنازعة الدَّاعية إلى الافتراق فاتركوا القراءة، وتمسَّكوا بالمحكَم الموجِب للأنفة(3) وأعرضوا عن المتشابه المؤدِّي إلى الفُرقة، قال: وهو كقوله صلعم: ((فإذا رأيتم الَّذين يتَّبعون المتشابِه منه فاحذروهم)). انتهى.
          ومناسبة الحديث الأخير قال العَينيُّ: مطابقته للتَّرجمة في آخر الحديث. انتهى.
          يعني: في النَّهي عن المخالفة وهو ضدُّ الائتلاف، والحديث قد مرَّ في الإشخاص، وقال العَينيُّ أيضًا: واعلم أنَّ الاختلاف المنهيَّ هو الخارج عن اللُّغات السَّبع أو ما لا يكون متواترًا، وأمَّا غيره فهو رحمةٌ لا بأس به، وذلك مثل الاختلاف بزيادة الواو ونقصانها في: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [البقرة:116] وبالجمع والإفراد {كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء:104] والكتاب... إلى آخر ما ذكر مِنَ الأمثلة.
          ثُمَّ البراعة عند الحافظ كما تقدَّم في مقدِّمة «اللَّامع» مِنْ قوله: وفي آخر فضائل القرآن (اختلفوا فأُهلكوا). انتهى.
          وهكذا عندي في قوله: (فأهلكهم الله).


[1] في (المطبوع): ((ائتلفت)).
[2] قوله: ((القرآن)) ليس في (المطبوع).
[3] في (المطبوع): ((للألفة)).