الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كيف نزول الوحي وأول ما نزل

          ░1▒ (باب: كيف نزل الوحي؟ وأوَّل ما نزل...) إلى آخره
          قال الحافظ: قد تقدَّم البحث في كيفيَّة نزوله في حديث عائشة (أنَّ الحارث بن هشامٍ سأل النَّبيَّ صلعم كيف يأتيك الوحي؟) في أوَّل «الصَّحيح»، وكذا أوَّل نزوله في حديثها: (أوَّل ما بدئ به رسول الله صلعم مِنَ الوحي الرُّؤيا الصَّادقة) لكنَّ التَّعبير بأوَّل ما نزل أخصُّ مِنَ التَّعبير بأوَّل ما بدئ، لأنَّ النُّزول يقتضي وجود مَنْ ينزل به، وأوَّل ذلك مجيء الملَك له عيانًا مبلِّغًا عن الله بما شاء مِنَ الوحي، وإيماء(1) الوحي أعمُّ مِنْ أن يكون بإنزالٍ أو بإلهامٍ سواءٌ وقع ذلك في النَّوم أو في اليقظة. [انتهى].
          قلت: ما أفاده الحافظ متعلِّقٌ بالجزء الثَّاني مِنَ التَّرجمة.
          والظَّاهر عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ بين التَّرجمتين بين قوله: (كيف كان بدء الوحي؟) وبين قوله: (كيف نزل الوحي؟) عمومًا وخصوصًا مِنْ وجهٍ، فإنَّ المنظور في الأوَّل بدء الوحي أعمُّ مِنْ أن يكون قرآنًا أو غيره، والمنظور هاهنا كيفيَّة نزول القرآن كما يدلُّ عليه ذكره في كتاب فضائل القرآن أعمُّ مِنْ أن يكون بدءً أولا(2) كما يظهر مِنْ ملاحظة الرِّوايات الواردة في الباب فتدبَّر.
          قوله: (قال ابن عبَّاسٍ: المهيمن الأمين) قال الحافظ: تقدَّم بيان هذا الأثر وذكرُ مَنْ وصله في تفسير سورة المائدة، وهو يتعلَّق بأصل التَّرجمة، وهي فضائل القرآن، وتوجيه كلام ابن عبَّاسٍ أنَّ القرآن تضمَّن تصديق جميع ما أنزل قبله، لأنَّ الأحكام الَّتي فيه إمَّا مقرِّرةٌ لِما سبق وإمَّا ناسخةٌ، وذلك يستدعي إثبات المنسوخ، وإمَّا مجدِّدةٌ وكلُّ ذلك دالٌّ على تفضيل المجدَّد. انتهى.
          قوله: (ما مثله آمن عليه البشر) كتب الشَّيخ قُدِّسَ سِرُّهُ في «اللَّامع» أي: مِنْ شأنه وشأن جنسه أن يصدِّقه المتحدِّي(3) به، فيكون معجزةً له. انتهى.
          وبسط في «هامشه» في شرح هذا لحديث(4) مِنْ كلام الشُّرَّاح أشدَّ البسط، فارجع إليه لو شئت.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الاعتصام ومسلمٌ في الإيمان، والنَّسَائيُّ في التَّفْسير وفضائل القرآن.


[1] في (المطبوع): ((وإيحاء)).
[2] في (المطبوع): ((بدءً أو لا)) كذا بلا ألف لتنوين النصب.
[3] في (المطبوع): ((المتحدَّى)).
[4] في (المطبوع): ((الحديث)).