الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: أنزل القرآن على سبعة أحرف

          ░5▒ (باب: أُنزل القرآنُ على سبعة أحرفٍ)
          أي: على سبعة أوجهٍ، يجوز أن يقرأ بكلِّ وجهٍ منها، وليس المراد أنَّ كلَّ كلمةٍ ولا جملةٍ منه تُقرأ على سبعة أوجهٍ، بل المراد أنَّ غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعةٍ.
          فإن قيل: فإنَّا نجد بعض الكلمات يُقرأ على أكثر مِنْ سبعة أوجهٍ.
          فالجواب: أنَّ غالب ذلك إمَّا لا يثبت الزِّيادة، وإمَّا أن يكون مِنْ قَبيل الاختلاف في كيفيَّة الأداء كما في المدِّ والإمالة ونحوهما، وقيل: ليس المراد بالسَّبعة حقيقة العدد، بل المراد التَّسهيل والتَّيسير، ولفظ السَّبعة يُطلق على إرادة الكثرة في الآحاد كما يطلق السَّبعين في العشرات، والسَّبع مئةٍ في المئين، ولا يراد العدد المعيَّن، وإلى هذا جنح عياضٌ ومَنْ تبعه، وذكر القُرْطُبيُّ عن ابن حِبَّان أنَّه بلغ الاختلافُ في معنى الأحرف السَّبعة إلى خمسةٍ وثلاثين قولًا، ولم يذكر القُرْطُبيُّ منها سوى خمسةٍ، وقال المنذريُّ: أكثرها غيرُ مختارٍ، ولم أقف على كلام ابن حِبَّان في هذا بعد تتبُّعي مظانَّه مِنْ «صحيحه» وسأذكر ما انتهى إلى(1) مِنْ أقوال العلماء في ذلك مع بيان المقبول منها والمردود إن شاء الله تعالى في آخر هذا الباب. انتهى مِنَ «الفتح».
          وقد بسط الكلام في شرح هذا الحديث على عشرة أبحاثٍ في «أوجز المسالك شرح موطَّأ الإمام مالكٍ» وفيه قال الحافظ: قد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السَّبعة على أقوالٍ كثيرةٍ بلغها أبو حاتم بن حِبَّان إلى خمسةٍ وثلاثين قولًا، وقال المنذريُّ: أكثرُها غير مختارٍ. انتهى.
          وقال القاريُّ: اختُلف في معناه على أحدٍ وأربعين قولًا منها أنَّه ممَّا لا يدري(2) معناه. انتهى.
          وقال ابن العربيِّ: لم يأتِ في ذلك نصٌّ ولا أثرٌ، وقال أبو جعفرٍ محمَّد بن سعدان النَّحويُّ: هذا مِنَ المُشْكِل الَّذي لا يُدرىَ معناه، لأنَّ الحرف يأتي لمعانٍ: للهجاء والكلمة وللمعنى والجِهة، قاله الزَّرقانيُّ، قال السُّيوطيُّ في «التَّنوير» و«زهر الرُّبا»: هذا أرجح الأقوال عندي، وبسط السُّيوطيُّ في «الإتقان» الأربعين قولًا مع النِّسبة إلى قائليها. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((إليَّ)).
[2] في (المطبوع): ((يدرَى)).