التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب تحويل الاسم إلى اسم أحسن منه

          قوله: (بَابُ تَحْوِيلِ الاِسْمِ إِلَى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ): ذكر في هذا البابِ ثلاثةَ أسماءٍ غيَّرَها ◙ إلى أسماءٍ أحسنَ منها: زينبُ، وزَنِبَ _كـ(فَرِحَ)_: سَمِنَ، والأزنبُ: السَّمِينُ، وبه سُمِّيت المرأة، أو مِنَ الزَّينَب: لشجرٍ حَسَنِ المنظرِ، طيِّبِ الرائحةِ، أو أصلُها: زَيْنُ أبٍ.
          وقد غيَّر ◙ أسماءَ جماعةٍ إلى أحسنَ مِن أسمائهم فيما يُروى، وبعضها تغييره صحيحٌ؛ وهم: (عاصيةُ بنتُ عمرَ)، فغيَّرها إلى (جميلة)، كما في «مسلم»، وفيه نظرٌ، ولا يُعرَف لعمرَ بنتٌ اسمُها عاصيةُ، وإنَّما هي زوجتُه، و(عبد الله بن سلَام) كان اسمه (الحُصَين)، و(جُوَيرية) كان اسمها (برَّة)، و(جميلة) زوجُ عمرَ كان اسمها عاصيةُ، و(زينب بنت أمِّ سلمة)، وكان اسمها (برَّة)، و(بشير الحارثيُّ) كان اسمه (أكبر)، فغيَّره إلى (بشير)، و(أمُّ صبيح عِنَبَةُ): سمَّاها (عُنْقُودة)، في حديث ضعيفٍ، وقال خيثمة بن عبد الرَّحْمَن: كان اسم أبي (عَزِيزًا)، فغيَّره ◙، و(مُحَمَّد بن خليفة) شهد الفتح فيما يُقال، وكان اسمه (عبدَ منافٍ)، فغيَّره ◙، [و(محمد مولى رسول الله صلعم)] ذكره الحاكم فيمَن قَدِم خُراسان مِنَ الصَّحَابة، وكان اسمه (ناهيةَ)، فغيَّره إلى (مُحَمَّدٍ)، رواه الحاكم بإسنادٍ مظلمٍ، و(عاقل بن البُكَير) كان اسمه (غافلًا)؛ بالمُعْجَمَة والفاء، فسمَّاه: عاقلًا؛ بالعين والقاف، و(هشام بن عامر الأنصاريُّ) والدُ سعد بن هشام، كان اسمه (شهابًا(1))، فقال له: «بل أنت هشامُ»، و(ناجِيَة بن جُندب بن كعبٍ) صاحب بدنِهِ، كان اسمه (ذكوان)، فغيَّره إلى (ناجية)، و(صرم بن يَرْبُوع) غيَّره ◙ إلى (سعيدٍ)، و(عبد الله ذو البِجادَين) كان اسمه (عبدَ العزَّى)، فغيَّره، و(الحُباب بن عبد الله بن أُبيٍّ ابن سلول) غيَّره إلى (عبد الله)، وعن سعيد بن المُسَيَِّب: (كان رجلٌ يقال له: شيطان، فسمَّاه ◙ الحُبابَ)، و(الحارث بن حكيم الضَّبِّيُّ) رُوِيَ مِن طريقٍ واهيةٍ: (كان اسمُه عبدَ الحارث، فسمَّاه ◙ «عبدَ الله»)، و(مُكرَم الغِفَاريُّ) كان اسمه (مِهرانَ)، فغيَّره إلى (مُكرَمٍ).
          وفي «المسند» مِن حديث عليٍّ ☺: (لمَّا وُلِد الحسن؛ سمَّاه حمزةَ، فلمَّا وُلِد الحُسَين؛ سمَّاه بعمِّه جعفرٍ، فدعاني رسولُ الله صلعم، فقال: «أُمِرتُ أن أُغيِّرَ اسمَ هذَينِ»، قلتُ: الله ورسوله أعلم، فسمَّاهما حَسَنًا وحُسَينًا)، وفيه أيضًا مِن حديثه: (لمَّا وُلِد الحسن؛ سمَّيتُه حَربًا، فجاء ◙، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتَه؟»، قلتُ: حَربًا، فقال: «بل هو حَسَنٌ»، فلمَّا وُلِد الحُسَين؛ سمَّيتُه حَربًا، فجاء ◙، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتُمُوه؟»، قلتُ: حَربًا، قال: «بل هو حُسَين»، فلمَّا وُلِد الثالثُ؛ سمَّيتُه حَربًا، فجاء ◙، فقال: «أروني ابني، ما سمَّيتُمُوه؟»، قلتُ: حَربًا، قال: «بل هو مُحْسِنٌ»، ثُمَّ قال: «سمَّيتُهُم بأسماءِ ولدِ هارونَ: شَبَر، وشُبَير، ومُشْبِر»).
          وفي «المسند» أيضًا: (عَن سَبْرة بن أبي سَبْرة عن أبيه: أنَّه أتى النَّبيَّ صلعم، فقال: «ما ولدُكَ؟» قال: فُلانٌ، وفُلانٌ، وعبدُ العُزَّى، فقال ◙: «هو عبدُ الرَّحْمَن»)، و(بشير ابن الخَصاصِية) كان اسمه (زَحْمًا)، فسمَّاه ◙ (بَشيرًا)، وفي «التِّرْمِذيِّ» إشارةٌ إلى ذلك، وهو في «المسند» أيضًا.
          وفي «المسند» أيضًا: (عن أبي إسحاق عَن رجل مِن جُهَينة: سمعه ◙ [وهو] يقول: يا حرامُ، فقال: «يا حلالُ»)، وفيه: (عن مسلم بن عبد الله الأزديِّ قال: جاء عبدُ الله بنُ قُرْط الأزديُّ إلى النَّبيِّ صلعم، فقال: «ما اسمُكَ؟»، قال: شيطانُ بنُ قُرْط، فقال: «بل أنت عبدُ الله بنُ قُرط»)، وقد قَدِم ◙ المدينةَ واسمها (يثربُ)، لا تُعرَف بغير هذا، فغيَّره بـ(طيبةَ)، و(عبد الله بن أبي عَوْف بن عُوَيف البَجَليُّ) له وفادةٌ، وكان اسمه (عبدَ شمسٍ)، فغيَّره.
          وفي «سنن أبي داود» ما لفظه: (وغيَّر النَّبيُّ صلعم اسم العاصي، وعَزِيز(2)، وعَتلة، وشيطان، والحكم(3)، وغُراب، وحُباب، وشِهاب، فسمَّاه: هشامًا(4)، وسمَّى حَرْبًا سِلْمًا، وسمَّى المضطجعَ المُنْبَعِثَ، وأرض عَفِرة سمَّاها خَضِرةَ، وشِعْب الضلالة سمَّاه بشِعْب الهُدَى، وبنو الزِّنْية سمَّاهم بني الرِّشْدة، وسمَّى بني مُغْوِية بني الرِّشْدة، قال أبو داود: تركتُ أسانيدَها اختصارًا)، انتهى.
          وهذا بابٌ مُتَّسِعٌ، وتغييرُ الاسم إلى اسمٍ أحسنَ منه مستحبٌّ، وقد غيَّر ◙ أسماءً إلى أقبحَ منه، فغيَّر ◙ (أبا الحكم) عمرَو بنَ هشامٍ إلى (أبي جهلٍ)، وكذلك أبو عامر الراهبُ، واسمه: عبدُ عَمرٍو بن صيفيِّ بن النُّعمان، والدُ حنظلةَ الغَسِيلُ، كان يُقال له: (الراهب)، فلما قدِمَ ◙ المدينةَ؛ أبى إلَّا الكفرَ والفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام، فقال ◙: «لا تقولوا: الراهب، ولكن قولوا: الفاسق».
          ومِنَ التغيير إلى ما دونَهُ ما ذكرَه السُّهَيليُّ في «روضه» قال: (كان اسمُ جحش بن رئاب بُرَّةَ؛ بضَمِّ المُوَحَّدة)؛ يعني: وتشديد الراء، قال: (قالت زينبُ لرسول الله صلعم: لو غيَّرتَ اسمَ أبي، فإنَّ البُرَّةَ صغيرةٌ، فقيل: إنَّ رسول الله صلعم قال لها: «لو كان أبوكِ مسلمًا؛ لسمَّيتُهُ باسمٍ مِن أسمائنا أهلَ البيت، ولكنِّي سمَّيتُه جحشًا، والجحشُ أكبرُ مِنَ البُرَّة»؛ ذكره مسندًا الدَّارَقُطْنيُّ في «المؤتلف والمختلف») انتهى.


[1] في (أ): (شهاب)، ولعلَّ المثبت هو الأصح.
[2] في (أ): (عزير)، والمثبت من مصدره، وتقدَّم قريبًا مِن كلام المصنِّف.
[3] في (أ): (وأبو الحكم)، وفوق (أبو): (كذا)، والمثبت من مصدره.
[4] في (أ): (هشام).