التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول الرجل: فداك أبي وأمي

          قوله: (بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي): تَقَدَّمَ الكلام غَيْرَ مَرَّةٍ على التفدية بالأبوَين أو بأحدهما ما حكمه في (غزوة أُحُد) [خ¦4055] وغيرها [خ¦979] [خ¦4196]، وفي استدلال البُخاريِّ بالحديث الذي ذكره في الباب وقفةٌ؛ وذلك لأنَّ القاضيَ عياضًا قال: (وقد كَرِهَهُ بعضُ السلف، وقال: لا يفدَّى بمسلمٍ)، / قال القاضي عياض: (والأحاديثُ الصحيحة تدلُّ على جوازه، سواءٌ كان المفدَّى به مسلمًا أو كافرًا، حيًّا كان أو ميِّتًا)، انتهى.
          وقال السُّهَيليُّ في حديثٍ فيه التفدية بالأب والأمِّ: (وفقهُ هذا الحديث: أنَّه جائز هذا الكلامُ لِمَنْ كان أبواه غيرَ مؤمنَين، وأمَّا [مَن] كان أبواه مؤمنَين؛ فلا؛ لأنَّه كالعُقوق لهما، [كذلك] سمعتُ شيخنا أبا بكرٍ يقول في هذه المسألة)، انتهى، وقد تعقَّبتُ كلام السُّهَيليِّ حين ذكرته في (غزوة أُحُد) [خ¦4055]، وأمَّا إطلاق البُخاريِّ؛ فإن كان أحدٌ قال: إنَّه لا تجوز التفدية بالأب والأمِّ مطلقًا؛ فما ذكره صالحٌ للاحتجاج، والحديثُ المعلَّقُ الموقوفُ على أبي بكر في الباب بعده: (فديناكَ بآبائنا وأمَّهاتِنا) _وهو مسندٌ في غير هذا المكان [خ¦3904]_ فيه الاستدلالُ على مَن منع مِنَ السلف مِن ذلك؛ لأنَّ أبوَي أبي بكر إذ ذاك كانا مسلمَين؛ لأنَّه قال له ◙ في أواخر حياته ◙، أو يحتمل أنَّ بعضَهم منع منه مطلقًا، ولكن لم أقف عليه، ولا مَن وقفتُ أنا على كلامه، والله أعلم.
          وكتب بعضُ حُفَّاظ العَصْرِ تجاه هذا الكلام: (إنَّما أشار البُخاريُّ إلى تضعيف خبرٍ ورد في النهي عن ذلك، وقد أورده ابن بَطَّال مِن عند الطَّبَريِّ عَنِ الحسن) انتهى.