التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب فضل صلة الرحم

          قوله: (بَابُ فَضْلِ صِلَةِ الرَّحِمِ): هو كنايةٌ عَنِ الإحسان إلى الأقربينَ مِن ذوي النَّسَبِ _كالأصهارِ_ والتعطُّفِ عليهم، والرفقِ بهم، والرِّعايةِ لأحوالهم، وكذلك وإن بَعُدُوا وأساؤوا، وقطعُ الرَّحِم ضدُّ ذلك كلِّه، يقال: وصلَ رَحِمَهُ يَصِلُها وَصْلًا وصِلَةً _والهاء فيها عوضٌ مِنَ الواو المحذوفةِ_ كنايةً عَنِ الإحسان إليهم، وقد وصل ما بينه وبينهم مِن علاقة القرابةِ والصِّهْرِ، قال القاضي عياضٌ: (ولا خلاف أنَّ صِلةَ الرَّحِم واجبةٌ في الجملة، وقطيعتها معصيةٌ كبيرةٌ، والأحاديثُ في الباب تشهدُ لهذا، ولكنَّ الصلةَ درجاتٌ؛ بعضُها أرفعُ مِن بعضٍ، فأدناها: تركُ المهاجرة، وصلتُها بالكلام ولو بالسَّلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرةِ(1) والحاجةِ، فمنها واجبٌ، ومنها مستحبٌّ، فلو وصل بعضَ الصِّلة ولم يصل غايتَها؛ لم يُسَمَّ قاطعًا، ولو قصَّر عمَّا يقدر عليه وينبغي [له]؛ لم يُسَمَّ واصلًا، قال: واختلفوا في حدِّ الرَّحِم التي تجب صلتُها، فقيل: هو كلُّ رَحِمٍ مَحْرَمٍ، بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخرُ أنثى؛ حرمت مناكحتُهما؛ فعلى هذا لا يدخل أولادُ الأعمام، ولا أولادُ الأخوال...) إلى أن قال: (وقيل: هو عامٌّ في كلِّ رَحِم مِن ذوي الأرحام في الميراث، يستوي فيه المَحْرَم وغيرُه، ويدلُّ له قوله صلعم: «ثُمَّ أدناكَ أدناك»)، هذا كلام القاضي ☼، قال الشيخ محيي الدين النَّوَويُّ: (وهذا القول الثاني هو الصَّوابُ)، ثُمَّ شرع يستدلُّ له، والله أعلم.


[1] في (أ): (تعذره)، وكُتِب فوقها: (كذا)، والمثبت من مصدره.