التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب قول النبي: «سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي»

          قوله: (بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلعم: «سَمُّوا بِاسْمِي، وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي»): ملخَّص المذاهب في هذه المسألة: النهي مطلقًا، وهو الذي نصَّ عليه الشَّافِعيُّ، الثاني: أنَّه خاصٌّ بحياته صلعم، الثالث: أنَّه على الأدب، الرابع: إنَّما يحرم الجمع بين التسمية بأحمدَ أو مُحَمَّدٍ، والتكنِّي بأبي القاسم.
          تنبيهٌ: شذَّ بعضُهم؛ فمنع التسميةَ باسم النَّبيِّ صلعم جُملةً كيفما يكنى، حكاه غيرُ واحدٍ؛ منهم: النَّوَويُّ، وزكيُّ الدين عبد العظيم المنذريُّ قبله، قال: وذهب آخرون إلى أنَّ النهيَ منسوخٌ، وقد جاء في النهي عَنِ التسمية بمُحَمَّد حديثٌ في «مسند عَبْد بن حُمَيدٍ» مِن حديث أنسٍ، ذكره الذَّهَبيُّ في «ميزانه» في ترجمة الحكم بن عَطيَّة، وقال: (إنَّه منكرٌ)، وهو في «مسند عبد» مِن حديث هذا الرجل، والله أعلم.
          تنبيهٌ: قيل بالمنع مِنَ التسمِّي بالقاسم، حكاه غيرُ واحد.
          غريبةٌ أغربُ مِنَ اللَّتَين قبلها: كره جماعةٌ مِنَ السلف والخلف التكنِّي بـ(أبي عيسى)، وأجازها آخرون، وفي «أبي داود» بسنده إلى زيد بن أسلم عن أبيه: أنَّ عمر بن الخَطَّاب ضرب ابنًا له يكنى بأبي عيسى، وأنَّ المغيرة بن شعبة تكنَّى بأبي عيسى، فقال له عمر: أَمَا يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله؟ فقال: إنَّ رسول الله صلعم كنَّاني، فقال: إنَّ رسول الله صلعم قد غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذنبه وما تأخَّر، وإنَّا في جَلَجتنا، فلم يزلْ يكنى بأبي عبد الله(1) حتَّى هلك، وقد بوَّب عليه أبو داود: (بابٌ فيمن يتكنَّى بأبي عيسى)، والظاهرُ أنَّ سبب الكراهة: أنَّ عيسى صلعم ليس له والدٌ، والله أعلم، والكلامُ في التسمِّي بأسماء الملائكة نَقل كراهتَه عَنِ الحارث بن مسكينٍ القاضي عياضٌ، وكره مالكٌ التسمِّي بجبريلَ وياسين، والله أعلم.


[1] في (أ): (بأبي عيسى)، والمثبت من مصدره.