التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين

          قوله: (بَابٌ: لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ): عَنِ الخَطَّابيِّ: (أنَّه يُروى على النهي بالسكون، وكسرُ الغين؛ لالتقاء الساكنين، وعلى الخبر بالضَّمِّ، وهو ضربُ مَثَلٍ؛ أي: لا يُستغفَل ويُخدَع مرَّةً بعد أُخرى في شيءٍ واحدٍ، وقيل: المراد به: في أمر الآخرة دون الدُّنيا)، وسببُ هذا الكلام: أنَّ أبا عَزَّة عمرَو بن عبد الله الجُمَحِيَّ كان قد منَّ عليه النَّبيُّ صلعم يوم بدر، وكان فقيرًا ذا عِيَالٍ وحاجةٍ، وكان في الأُسارى، فقال: يا رسول الله؛ إنِّي فقيرٌ وذو عيالٍ وحاجةٍ، وقد عرفتها، فامنن عليَّ صلَّى الله عليك، فمنَّ عليه ◙، ثُمَّ رجع أبو عزَّة يستنفر الناس بشِعره، هو ومسافع بن عبد مَناف، فأمَّا أبو عزَّة؛ فظفر به ◙ بعد وقعة أحُد بحمراءِ الأسد، فقال: يا مُحَمَّد؛ أَقِلْني، قال: «لا والله؛ لا تمسح عارضيك بمكَّة تقول: خدعْتُ مُحَمَّدًا مرَّتين»، ثُمَّ أمر عاصمَ بن ثابت فضرب عنقه، وقال سعيد بن المُسَيَّـِب فيه: قال ◙: «لا يُلدَغ المؤمن من جُحْرٍ مرَّتَين».
          تنبيهٌ: هذا اللَّفظ هو مِن جملة ألفاظٍ تكلَّم بها صلعم لم يُسبَق إلى شيءٍ منها، وقد ذكرتُها في تعليقي على «سيرة ابن سَيِّد النَّاسِ» بعد (غزوة بدر) في (سريَّة عمير بن عديٍّ إلى عصماء)، وقال شيخُنا هنا: (قال ابن التِّين: «وهذا مَثَلٌ قديمٌ تُمُثِّل به مِن قَبْلِ رسول الله صلعم، وهو ◙ [كثيرًا](1) ما يتمثَّل بالأمثال القديمة، وأصلُ ذلك: أنَّ رجلًا أدخل يده في جُحْر، فلُدِغ منه مرَّةً ثانيةً»)، انتهى، ثُمَّ نَقل شيخُنا عَنِ ابن بَطَّال: (إنَّ هذا لكلامٌ ممَّا لم يُسبَق به رسولُ الله صلعم)، قال شيخنا: (وهذا مخالِفٌ لِما أسلفناه)، انتهى؛ يعني: ما أسلفه عَنِ ابن التِّين مِن أنَّه قديمٌ.
          قوله: (وَقَالَ مُعَاوِيَةُ): هو معاوية بن أبي سفيان صخرِ بن حرب بن أُمَيَّة بن عبد شمس الأمويُّ، تَقَدَّمَ ببعض ترجمة [خ¦587]، وكذا أبوه [خ¦7].
          قوله: (لَا حِلمَ إِلَّا بِتَجْرِبَة): كذا في نسخة هي في أصل سماعنا، وعَنِ ابن حِبَّانَ أنَّه رفعه في «صحيحه»، وفي نسخةٍ هي في الهامش وعليه تصحيح: (لا حَكِيمَ إلَّا ذو تَجْرِبَةٍ).


[1] في (أ): (لم)، والمثبت من مصدره.