التلقيح لفهم قارئ الصحيح

باب الإخاء والحلف

          قوله: (بَابُ الإِخَاءِ وَالْحِلْفِ): اعلم أنَّ المؤاخاة يُقال: كانت مرَّتين؛ مرَّةً بين المهاجرين بعضِهم في بعضٍ على الحقِّ والمواساة، وقد ذكر هذه غيرُ واحدٍ مِنَ الحُفَّاظ، وقد أنكرها الحافظ أبو العَبَّاس ابن تيمية في كتابه «الردُّ على ابن المطهَّر الرافضيِّ» في الفصل الحادي عشر مِنَ المجلد الثاني، ولفظه: (ومنها أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يؤاخِ عليًّا ولا غيرَه، وحديثُ المؤاخاة لعليٍّ، ومؤاخاة أبي بكرٍ لعمرَ مِنَ الأكاذيب، وإنَّما آخى بين المهاجرين والأنصار، ولم يؤاخِ بين مهاجريٍّ ومهاجريٍّ)، انتهى، وقد ذكرتُ غيرَ حديثٍ في المؤاخاة بين مهاجريٍّ ومهاجريٍّ، وذكرتُ الجوابَ عنها في «تعليقي على سيرة أبي الفتح اليعمريِّ» في (المؤاخاة بعد مَقْدَمِهِ المدينةَ): (فلمَّا نزل ◙ المدينةَ؛ آخى بين المهاجرين والأنصار على المواساة والحقِّ في دار أنس بن مالكٍ، فكانوا يتوارثون بذلك دون القرابات، حتَّى نزلت وقتَ وقعةِ بدرٍ: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ}[الأنفال:75]، فنسَخت ذلك، وكانت هذه المؤاخاة بعد بنائه المسجد، وقيل: كان قبل ذلك والمسجد يُبنَى، قال ابن عَبْدِ البَرِّ: «بعد قدومِه ◙ بخمسة أشهرٍ»)، وقد تَقَدَّمَ هذا؛ فانظره [خ¦63/3-5660]، وقد ذُكِر أنَّ المؤاخاةَ الثانيةَ بين المهاجرين والأنصار، كانوا مئةً؛ خمسون مِن كلِّ صِنْفٍ، وقيل: كانوا تسعين؛ خمسةٌ وأربعون مِن كلِّ صِنْفٍ، قد ذكرتُ ذلك فيما مضى [خ¦63/3-5660]، وقال أيضًا ابن قَيِّمِ الجَوزيَّة: (وقد قيل: وآخى بين المهاجرين بعضِهم معَ بعضٍ مؤاخاةً ثانيةً، واتَّخذ فيها عليًّا أخًا لنفسه، والثَّبْت الأوَّل)، ثُمَّ شرع يُوهِّن مؤاخاته بين المهاجرين، ثُمَّ قال: (ولو واخى بين المهاجرين؛ لكان أحقَّ النَّاس بأُخوَّته أحبُّ الخلق إليه، ورفيقُه في الهجرة، وأنيسُه في الغار، وأفضلُ الصَّحابة، وأكرمُهم عليه؛ أبو بكر الصِّدِّيق...) إلى آخر كلامه، وقد قَدَّمْتُ كلامَ السُّهَيليِّ في الحكمة في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار [خ¦63/50-5856].
          قوله: (وَالْحِلْفِ): هو بكسر الحاء المُهْمَلة، وإسكان اللام، وبالفاء؛ وأصله: المعاقدة والمعاهدة على التعاضُد والتَّساعُد والاتِّفاق، فما كان منه في الجاهليَّة على الفتن والقتال بين القبائل والغارات؛ فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله ◙: «لا حِلْفَ في الإسلام»، وما كان منه في الإسلام على نَصر المظلوم، وصِلة الأرحام؛ كحلف المطَيِّبين _وهو بفتح الطاء المُهْمَلة، وكسر المُثَنَّاة تحت المُشَدَّدة_ وما جرى مَجراه؛ فذلك الذي قال ◙: «وأيُّما حِلْف كان في الجاهليَّة؛ لم يزده الإسلامُ إلَّا قوَّةً»، وهذا الحِلْف الذي يقتضيه الإسلامُ، والممنوع منه ما خالف الإسلامَ، وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله: «لا حلفَ في الإسلام» قاله زمنَ الفتح، فكان ناسخًا، قاله ابن الأثير بأطولَ من هذا بيسيرٍ جدًّا، والله أعلم. /
          قوله: (وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ): تَقَدَّمَ ضبطه، وأنَّه وَهْبُ بن عبدٍ السُّوائيُّ [خ¦111].
          قوله: (بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ): تَقَدَّمَ الكلام عليهما قريبًا جدًّا [خ¦78/65-9062]، وقبل ذلك أيضًا [خ¦17/10-1711]، و [خ¦4/16-266].