التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب كلام الإمام والناس في خطبة العيد

          ░23▒ بَابُ كَلَامِ الإِمَامِ والنَّاسِ في خُطْبَةِ العِيْدِ، وإذا سُئِلَ الإِمَامُ عَن شَيءٍ وَهُوَ يَخْطُبُ.
          983- 984- 985- ذَكَرَ فيه حَدِيثَيِ البراءِ وأنسٍ، وقد سَلَفَا.
          وحديثَ جُنْدُبٍ قَالَ: صَلَّى النَّبيُّ صلعم يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ ذَبَحَ وَقَالَ: (مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ، فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ).
          وشيخُ البُخاريِّ فيه (مُسْلِمٌ) هو ابنُ إبراهيمَ الأزْدِيُّ الفَرَاهِيدِيُّ مولاهُم، ورَوَى عنه أبو داودَ أيضًا، ورَوَى الباقونَ عن رَجُلٍ عنه، ماتَ سنةَ اثنتينِ وعشرين ومئتين / ووُلِدَ سنةَ ثلاثٍ وثلاثينَ ومئة، وعَمِيَ بِأَخَرَةٍ، وكانَ يقولُ: ما حلَلْتُ إزارِي على حلالٍ ولا حرامٍ قَطُّ.
          وشيخُ البُخارِيِّ في الثَّانِي (حَامِدُ بْنُ عُمَرَ) وهو البَكْرَاوِيُّ مِنْ وَلَدِ أبي بَكْرَةَ قاضي كِرْمَان، سَكَنَ بِنيسابور، وماتَ سنةَ ثلاثٍ وثلاثين ومئتينِ، رَوَى عنه مسلمٌ أيضًا.
          وشيخُ شيخِه في الأوَّلِ (أَبُو الْأَحْوَصِ) وهو سَلَّام بن سُلَيم الحنَفِيُّ الكُوفيُّ، ماتَ مع مالكٍ وحمَّادٍ وخالدٍ الطَّحَّانِ كلُّهم سنةَ تسعٍ وسبعينَ ومئة.
          إذا تقرَّر ذلك فالكلامُ في الخُطبة بما كان مِن أَمْرِ الدِّينِ للسَّائلِ والمسؤولِ جائزٌ، وقد قال صلعم للَّذِين قتلُوا ابنَ أبي الحُقَيق حين دَخَلُوا عليه يومَ الجُمعةِ وهو يخطُبُ: ((أَفْلَحَتِ الوُجُوهُ)) وقال عمرُ وهو على المنبَرِ: أَمْلِكُوا الْعَجِينَ فَإِنَّهُ أَحَدُ الرَّبْعَيْنِ. رواه هشامُ بن عروةَ عن أبِيه، وقال هشامٌ: أَمَرَهُمْ بِما كان يْأْمُرُ أهلَهُ، ورأى أنَّ ذلك حقٌّ.
          وكَرِهَ العلماءُ كلامَ النَّاسِ والإمامُ يخطُبُ، رُويَ ذلك عن عطاءٍ والحَسَنِ والنَّخَعيِّ، وقال مالكٌ: لِيُنصِتْ للخُطبة ويستقبِلْ، وليسَ مَن تكَلَّم في ذلك كمَنْ تكلَّم في خُطْبَةِ الجُمعةِ. وقال شُعبةُ: كلَّمنِي الحَكَمُ بن عُتَيبَةَ يومَ عيدٍ والإمامُ يخطُبُ.
          وقوله: (إِنَّ عِنْدِيْ عَنَاقًا جَذَعَةً خَيْرٌ مِنَ شَاتَيْ لَحْمٍ) يريدُ لِسِمَنِها.
          وقوله: (فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللِّه) يحتملُ أنْ يريدَ مَن تأخَّرَ ذَبْحُهُ شيئًا بعْدَ الصَّلاةِ فَلْيَذْبَحْ، ويحتمل أنْ يأمُرَ مَن لم يُضَحِّ أن يضحِّيَ فيؤكِّدُ أَمْرَ الأُضْحِيَّة.
          واختلفَتِ عباراتُ المالكيَّةِ في التَّسمِيَةِ، فقالَ ابن الجلَّاب: هي شرطٌ في صِحَّةِ الذَّكاةِ فمَن تَرَكَها ناسيًا أُكِلَتْ، وقال القاضي أبو محمَّدٍ: هي سُنَّةٌ، وقال غيرُه: هِيَ واجبةٌ معَ الذِّكْرِ ساقطةٌ مع النِّسْيانِ. قال في «المدوَّنَةِ»: مَن تركَها عَمْدًا لم تُؤكَلْ، وقال أشهَبُ: إنْ تَرَكَها جهْلًا أُكِلَتْ أوِ استخفَافًا فلا. يُريدُ أنَّ الجاهِلَ كالنَّاسِي.