التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب إذا لم يكن لها جلباب في العيد

          ░20▒ بَابٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ في العِيْدِ.
          980- ذَكَرَ فيه حديثَ حفصَةَ: (كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ يَوْمَ العِيدِ) الحديث. وقد سَلَفَ في الحَيْضِ [خ¦324].
          وشيخُ البُخاريِّ فيه (أَبُو مَعْمَرٍ) عبدُ الله بن عمرٍو الْمُقْعَدُ، ماتَ سنةَ أربعِ وعشرين ومئتينِ، وَرَوَى مسلمٌ عن رَجُلٍ عنه، وفي «الصَّحيحِ» أيضًا: أبو مَعْمَر إسماعيلُ بن إبراهيمَ الهُذَلِيُّ نزيلُ بغدادَ، ماتَ سنةَ سِتٍّ وثلاثين ومئتين، رَوَيَا عنه.
          والحديثُ دالٌّ على تأكُّدِ خروجِ النِّساءِ إلى العيدَينِ؛ لأنَّه إذا أُمِرَتِ المرأةُ أن تُلبِسَ مَن لا جِلبَابَ لها، فمَنْ لها جلبابٌ أَوْلَى أن تخرُجَ وتشهَدَ دعوةَ المؤمنينَ رَجَاءَ بَرَكَةِ ذلكَ.
          قال الطَّحاويُّ: وأمْرُهُ صلعم الحُيَّضَ أنْ يخرجُنَ إلى العيدِ يحتملُ أنْ يكونَ ذلكَ في أوَّلِ الإسلامِ والمسلمونَ قليلٌ، فأُريدَ التَّكثيرُ بحضورِهِنَّ إرهابًا للعَدُوِّ، وأمَّا اليومَ فلا يُحتاجُ إلى ذلك، وهذا كما قال ابن بطَّال: يَحتاُج إلى معرفةِ تاريخِ الوقتِ الِّذي أَمَرَ فيه الشَّارعُ النِّساءَ بذلكَ ونَسْخِ أمْرِهِ لهُنَّ بالخروجِ إلى العيدَينِ، وهذا لا سبيلَ إليه، والحديثُ باقٍ على عمومِه لم ينْسَخْهُ شيْءٌ ولا أَحَالَه، والنَّسْخُ لا يثبُتُ إلَّا باليقينِ، وأيضًا فإنَّ النِّساءَ لَسْنَ مِمَّن يُرهَبُ بهنَّ على العَدَوِّ، وكذلك لا جِهَادَ عليهِنَّ.
          وقولُ حفصَةَ: (كُنَّا نَمْنَعُ جَوَارِيَنَا) كانوا يفعلُونَ ذلك قَبْلَ أن يَبْلُغَهُم عن الشَّارع ما أبْلَغَتْهُم أمُّ عطيَّةَ، ففيه قَبولُ خَبَرِ الواحِدِ، وفيه المواساةُ عندَ الضَّرورةِ.
          وقولُها: (أَلَيْسَ الحَائِضُ تَشْهَدُ عَرَفَاتٍ، وَتَشْهَدُ كَذَا، وَتَشْهَدُ كَذَا؟) تريدُ مُزْدَلِفَةَ وَرَمْيَ الجِمَارِ، غيرَ أنَّها لا تَقْرَبُ البيتَ.