التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب التنفس في الإناء

          ░25▒ (بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ).
          5630- ذكر فيه حديثَ أبي نُعَيْمٍ: (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ، وَإِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِذَا تَمَسَّحَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَمَسَّحْ بِيَمِينِهِ).
          هذا الحديث سلف في الطَّهارة [خ¦153].
          فإن قلتَ: رواه هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قَتَادَة، عن أبيه، فقال: أحسِبهُ عن رَسُول اللهِ صلعم؟ وأجاب ابنُ حَزْمٍ بأن هذه رواية الحارث بن أبي أُسَامَةَ وقد تُرك، وحتَّى لو شك هِشَامٌ في إسناده فإنَّ أيُّوبَ ومَعْمَر بن راشدٍ لم يَشكَّا وكِلاهما فوق هِشَامٍ.
          قال المُهَلَّب: التنفُّس إنَّما نُهي عنه كما نُهي عن النَّفْخ في الطعام والشراب والله أعلم؛ مِن أجل أنَّه لا يُؤمَن أن يقع شيءٌ مِن ريقهِ فَيَعَافَهُ الطَّاعِمُ له ويَسْتَقذرَ أكلَهُ إذ كان التقذُّر في باب الطعام والشراب والتنظُّف فيه الغالب على طباعِ أكثر النَّاس، فنهاه عن ذلك لئلَّا يُفْسِد الطعام والشراب على مَن يريد تناوله، هذا إذا أكل وشَرِب مع غيره، وإذا كان الإنسان يأكل أو يشرب وحدَه أو مع أهله أو مع مَن يَعْلم أنَّه لا يَقْذِر شيئًا ممَّا يأكل منه فلا بأس في التنفُّس في الإناء، كما فعلَ ◙ مع عُمَر بن أبي سَلَمَةَ أمرَه أن يأكل ممَّا يليه، وكان هو ◙ يتَّبِع الدُّبَّاء في الصَّحْفة عِلْمًا منه أنه لا يُقْذَر منه شيءٌ صلعم، وكيف يظنَّ ذلك وكان ◙ تبادرُ أصحابَه نُخَامته فدلكوا بها وجوهَهم وكذا فضل وضوئهِ، فهذا فرقٌ بين فِعله ◙ وأمرِه غيرَه بالأكل ممَّا يليهِ.