التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب الكرع في الحوض

          ░20▒ (بَابُ الْكَرْعِ فِي الْحَوْضِ).
          5621- ذكر فيه حديثَ جابرِ بن عبد الله ☻: أنَّه ◙ (دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صلعم وَصَاحِبُهُ، فَرَدَّ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَهِيَ سَاعَةٌ حَارَّةٌ، وَهُوَ يُحَوِّلُ فِي حَائِطٍ...) الحديث. وقد سلف ذلك قريبًا [خ¦5613].
          و(الكَرَع) بالتحريك ماءُ السَّماء يُكرَعُ فيه، وقد أسلفنا أنَّ معنى (وَإِلَّا كَرَعْنَا): يعني أخذنا الماء بأفواهنا مِن غير آلةٍ، قال ابن سِيدَه: كَرَعَ تناولَ بِفِيهِ مِن غير إناءٍ، وقيل: هو أن يدخلَ النَّهرَ ثمَّ يشربَ، وقيل: هو أن يُصَوِّب رأسَهُ في الماء وإن لم يشربْ، وفي «الجامع»: كلُّ خائضِ ماءٍ كارعٌ شَرِب أو لم يَشْرَب، وقد أسلفنا عن «الصِّحاح» أنَّ فيه لغةً كَرِعَ بالكسر، وفي «التهذيب»: كَرَعَ في الإناء: إذا مالَ نَحْوَهُ عنقُهُ فَشَرِب منه.
          قال ابن حَزْمٍ: الكَرْعُ مباحٌ إذ لم يصحَّ فيه نهيٌ ولا أمرٌ، وروى ابن أبي شَيْبَة عن مُحَمَّد بن فُضَيْلٍ حديثًا لو صحَّ لكان معارضًا لحديث الباب، وهو: حدَّثنا ليثُ بن أبي سُلَيْم، عن سَعِيد بن عامِرٍ، عن ابن عُمرَ: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قال: ((لَا تَكْرَعُوا ولكنِ اغْسِلوا أيديَكم واشربوا فيها، فإنَّه ليس مِن إناءٍ أطيبَ مِن اليدِ))، ورواه ابن ماجه مِن حديثِ بقيَّةَ عن مُسْلِم بن عبد الله، عن زِيَادِ بن عبد الله، عن عاصمِ بن مُحَمَّدِ بن عُمرَ عن أبيه عن جدِّه بلفظ: نهانا رَسُولُ اللهِ صلعم أن نشربَ على بُطُوننا وهو الكَرْع، ونهانا أن نشربَ باليد الواحدة، وقال: ((لا يَلَغْ أحدُكم كما يَلَغُ الكلبُ، ولا يشربْ باليدِ الواحدةِ كما يشربُ القوم الذين سَخِط الله عليهم، ولا يشربْ بالليل في إناءٍ حتَّى يحرِّكَه إلَّا أن يكونَ مخمَّرًا...)) الحديث، قال ابنُ عَسَاكِرَ: كذا قال: عاصمُ بن مُحَمَّد بن عُمرَ، وإنَّما هو عاصمُ بن مُحَمَّد بن زيدِ بن عبدِ الله بن عُمرَ.