التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب تغطية الإناء

          ░22▒ (بَابُ تَغْطِيَةِ الْإِنَاءِ).
          5623- ذكر فيه حديثَ جابرِ بن عبد اللهِ ☻: (قَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ _أَوْ أَمْسَيْتُمْ_ فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ...) الحديث، وفيه: (وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ).
          5624- وفي رواية: (أَطْفِئُوا المَصَابِيْحَ... وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ...) إلى أن قال: (وَخَمِّرُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَلَوْ بِعُودٍ تَعْرُضُهُ عَلَيْهِ).
          أخرج الأوَّل في صِفة إبليس [خ¦3280]، والثاني في الاستئذان [خ¦6296]، وقد سلف الكلام في بابِ شُرب اللَّبن على هذا الحديث [خ¦5605].
          قال المُهَلَّب: خَشِي الشارعُ على الصِّبيان عند انتشار الجنِّ أن يُلِمَّ بهم فيصرعَهُم فإنَّ الشَّيطان قد أُعطي قُوَّةً على هذا، وأعلمَنا الشارعُ أنَّ التعرُّضَ للفِتن ممَّا لا ينبغي، وأنَّ الاحتراسَ منها أحزَمُ على أنَّ ذلك الاحتراسَ لا يردُّ قَدَرًا، ولكن لتبلغ النَّفْسُ عذرَها، ولئلَّا يسبِّب له الشَّيطانُ إلى لومِ نفسِه في التقصير.
          وأمَّا قولُه: (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا) فهو إعلامٌ منه أنَّ اللهَ لم يُعطه قُوَّةً على هذا، وإن كان أعطاه ما هو أكبر منه وهو الولوج حيث لا يَلِجُ الإنسان، وسيأتي موضَّحًا في باب غلق الأبواب باللَّيل في آخر الاستئذان [خ¦6296].
          والوِكَاءُ والتَّخْمِيرُ دلائلُ على أنَّ الاستعاذةَ تردَعُ الشَّيطانَ، وإنَّما أمرَ بتغطية الإناءِ لحديث جابرٍ الذي أسلفناه هناك، وأمَّا إِطْفَاءُ السِّرَاجِ فقد بيَّنَهُ في غير هذا الحديث، وقال: مِن أجل الفُوَيْسِقةِ وهي الفأرة، فإنَّها تُضْرِمُ على النَّاس بيوتَهم، ولعلَّه أسماها فُوَيْسِقةً لفسادِها وأذاها، وستأتي زِيَادةٌ في هذا المعنى في الاستئذان في باب: لا تُترك النَّار في البيت عند النوم [خ¦6295].
          وفيه أنَّ أوامرَه ◙ قد تكون لمنافعِنا لا لشيءٍ مِن أمر الدِّين.
          فصْلٌ: (الإِنَاءُ) واحدُ الآنية بكسر الأوَّل ممدودٌ، كِسِقَاءٍ وأَسْقِيةٍ ورِدَاءٍ وأَرْدِيةٍ، ويُجمع على أوانٍ كأَسَاقٍ، و(جُنْحُ اللَّيْلُ) إقبالُه، قال ابن فارسٍ: جَنَحَ اللَّيل، وجُنْحُهُ: طائفةٌ منه. والقِرَبُ للماء خاصَّةً كما قاله ابن السِّكِّيت، قال الجَوْهَرِيُّ: وهي ما يُستَقى بها، والجمعُ في أدنى العدد قِرَبات وقِرِبات وقِرْبات، والكثير قِرَبٌ، قال: وكذلك جمعُ كلِّ ما كان على فِعْلَةٍ مثل سِدْرَةٍ لك أن تفتح العين وتكسِر وتُسكِّن. و(تَعْرُضُ) بضمِّ الراء وكسرها كما سلف.