التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض

          ░16▒ بَابُ نَقْضِ المَرْأَةِ شَعَرَهَا عِنْدَ غُسْلِ المَحِيضِ
          317- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: (خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الحِجَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلعم: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلْ...) الحديثَ.
          وقد سلف الكلام عليه في الباب قبله مع التَّرجمة أيضًا، و(أَبُو أُسَامَةَ) اسمه حَمَّادُ بنُ أُسَامَةَ الكوفيُّ الحافظ الحجَّة الإخباريُّ، عنده ستُّمائة حديثٍ عن هِشَامٍ، عاش ثمانين سنةً، ومات سنة إحدى ومائتين، وعُبَيْدٌ هَبَّارِيٌّ مِنْ أفراد البخاريِّ، مات سنة خمسين ومائتين.
          وفَتْحُ الحاء مِنْ ذي الحَجَّةِ أشهر مِنْ كسرها، ومعنى موافين مشرفين، يُقَالُ: أوفى على كذا، أي: أشرف، ولا يلزم الدُّخول فيه.
          وقولها: (خَرَجْنَا مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الحِجَّةِ)، وجاء في رواية أخرى: ((لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ ذِي القِعْدَةِ وَقَدِمَ النَّبيُّ صلعم مَكَّةَ لِأَرْبَعٍ أَو خَمْسٍ مِنْ ذِي الحِّجَّةِ، فَأَقَامَ فِي طَرِيْقِهِ إِلَى مَكَّةَ تِسْعَةَ أَيَّامٍ أَو عَشْرَةً)).
          وقوله: (قَالَ هِشَامٌ: وَلَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَدْيٌ، وَلاَ صَوْمٌ وَلاَ صَدَقَةٌ) ظاهره مشكلٌ، فإنَّها إن كانت قارنةً فعليها هديٌ للقِران عند كافَّة العلماء إلَّا داودَ، وإن كانت متمتِّعةً فكذلك؛ لكنَّها كانت فاسخةً كما سلف، ولم تكن قارنةً ولا متمتِّعةً، وإنَّما أحرمت بالحجِّ، ثمَّ نوت فسخه في عمرةٍ، فلمَّا حاضت ولم يَتُمَّ لها ذلك رجعت إلى حَجِّها، فلمَّا أكملته اعتمرت عمرةً مبتدأةً، نبَّه عليه القاضي.
          لكن يُعَكِّرُ عليه قولها: (وَكُنْتُ فِيْمَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ)، وقولها: ((وَلَمْ أُهِلَّ إِلَّا بِعُمْرَةٍ))، ويُجَابُ: بأنَّ هِشَامًا لمَّا لم يبلغْه شيءٌ مِنْ ذلكَ أخبرَ بنفسه، ولا يلزم مِنْ ذلك نفيه في نفس الأمر، ويحتمل أن يكون لم يأمر به؛ بل نوى أنَّه يقوم به عنها، بل روى جابرٌ أنَّه ◙ أهدى عن عائشةَ بقرةً.
          خاتمةٌ: اختلف العلماء في فسخ الحجِّ إلى العمرةِ، وهو تحويل النِّيَّة مِنَ الإحرام بالحجِّ إلى العمرةِ؛ فجمهور العلماء على المنع مِنْ ذلك، وذهب ابنُ عبَّاسٍ إلى جوازه، وبه قال أحمدُ وداودُ وكلُّهم متَّفقون أنَّ الشَّارع أمر أصحابه عام حجَّ بفسخ الحجِّ إلى العمرةِ.
          وأجاب الجمهور عنه بأنَّ ذلك كان خاصًّا بهم، وقد روى رَبِيْعَةُ عن الحارثِ بن بلالٍ، عن أبيه قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ، الفَسْخُ لنا خَاصَّةً أو لمِنْ بعدنا؟ قال: ((لَنَا خَاصَّةً)) أخرجه أبو داودَ والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَهْ.