التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب: هل تصلي المرأة في ثوب حاضت فيه؟

          ░11▒ بَابٌ: هَلْ تُصَلِّي المَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ؟
          312- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بنُ نَافِعٍ عَنِ ابنِ أَبِي نَجِيْحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَتْ عَائِشَةُ: (مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيْضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا، فَمَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا).
          هذا الحديثُ انفردَ به البُخَارِيُّ عن مُسْلِمٍ، وأخرجَه أبو دَاوُدَ بلفظِ: ((بَلَّتْهُ بِرِيْقِهَا))، مُحَمَّد بن كثيرٍ عنه، عن الحَسَنِ بنِ مسلمٍ بنِ يَنَّاقَ عن مجاهدٍ به، ورواه الإِسْمَاعِيْليُّ كذلكَ، ويحتملُ أن يَكُونَ سمعه منهما، فإنَّه حافظٌ ثقةٌ.
          ثمَّ اعلم بعد ذلك أنَّه اختُلِفَ في سماع مُجَاهِدٍ مِنْ عائشةَ، فقال يحيى بنُ مَعِيْنٍ وأبو حاتمٍ ويحيى بنُ سَعِيْدٍ القَطَّانُ وشُعْبَةُ وأحمدُ والبَرْدِيْجِيُّ: لم يسمع منها، وسيأتي في كتاب الحجِّ [خ¦1775] [خ¦1776] والمغازي مِنْ «الصَّحِيحِ» [خ¦4253] ما يدلُّ على سماعه منها، وفي الصَّحيحين عن مجاهدٍ عنها عدَّة أحاديث وهو رأي ابنِ المَدِيْنِيِّ وابنِ حِبَّانَ.
          و(مَصَعَتْهُ) بالصَّاد والعين المهملتين، أي: حرَّكته وفركته بظفرها، وأصل المصع التَّحريك، وقال أبو سُلَيْمَانَ: أصله الضَّرب الشَّديد، فيكون المعنى المبالغة في حكِّه، وهو بمعنى رواية أبي داودَ (قَصَعَتْهُ)، والقصع: الدَّلك والمعالجة، واقتصارها على ذلك يجوز أن يكون لقلَّته والعفو عنه، ويجوز أن تكون غسلته بعد ذلك، ولم تنصَّ عليه للعلم به عندهم، وقد نصَّت عليه في الحديث السَّالف في قولها: (فَتَغْسِلُهُ وَتَنْضَحُ عَلَى سَائِرِهِ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ).
          وقولها: (مَا كَانَ لِإِحْدَانَا إِلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ) لا يُعارضه الحديث السَّالف مِنْ حديث أمِّ سَلَمَةَ: (فَأَخَذْتُ ثِيَابَ حِيضَتِي)، إذ يجوز أن يكون هذا في أوَّل الحال، والآخر بعد فتح الفتوح / واتِّساع الحال.
          واعلم أنَّ البخاريَّ لم يذكر في الحديث أنَّها كانت تُصَلِّي فيه ليطابق ما ترجم له، والجواب أنَّ مَنْ لم يكن له إلَّا ثوبٌ واحدٌ تحيض فيه؛ فمِنَ المعلوم أنَّها تُصَلِّي فيه عند الانقطاع وتطهيره، أو يكون أحال البخاريُّ على أصل حديثها، إذ في حديثها السَّالف: (ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ).